للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَاصَّةً أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ بَعْضَ النَّصَارَى يَزْعُمُ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ إلَى آخِرِ الزَّمَانِ وَلَكِنَّهُ يُقَيِّدُ رِسَالَتَهُ بِالْعَرَبِ كَمَا تَعْتَقِدُهُ الْعِيسَوِيَّةُ مِنْ الْيَهُودِ.

[تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّك أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ]

(سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: ١١٨] فَإِنَّ ضَمِيرَ الْجَمْعِ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى الْكُفَّارِ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَهُوَ لَا يَغْفِرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨] فَكَيْفَ تَعَرَّضَ فِي سُؤَالِهِ لِلْعَفْوِ عَنْهُمْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَكَمَ بِ إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ الضَّمِيرَ فِي تُعَذِّبْهُمْ لِمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَالضَّمِيرُ فِي تَغْفِرْ لَهُمْ لِمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنَّ عِيسَى عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ تَابَ وَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. ثَانِيهَا: أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا مَعَاصِيَ وَعَمِلُوا بَعْدَهُ بِمَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ إلَّا أَنَّهُمْ عَلَى عَمُودِ دِينِهِ فَقَالَ فَإِنْ تَغْفِرْ مَا أَحْدَثُوا بَعْدِي مِنْ الْمَعَاصِي. ثَالِثُهَا: أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْطَافِ لَهُمْ وَالرَّأْفَةِ بِهِمْ كَمَا يَسْتَعْطِفُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ فَإِنْ عَصَوْك. رَابِعُهَا: أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ وَالِاسْتِجَارَةِ مِنْ عَذَابِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِكَافِرٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>