للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّرْتِيبِ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ لِتَعْدِيدِ النِّعَمِ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتُكَ النِّعَمَ الْعَظِيمَةَ ثُمَّ رَفَعْتُ قَدْرَكَ ثُمَّ دَفَعْتَ الْخُصُومَ عَنْكَ وَلَعَلَّ بَعْضَ مَا أَخَّرَهُ فِي الذِّكْرِ قَدْ تَقَدَّمَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرْتِيبٌ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ.

وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ قَوْلِهِ {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠] بِأَنَّ مَعْنَى بَعْدَ هَاهُنَا مَعْنَى مَعَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: ١٣] أَيْ مَعَ ذَلِكَ زَنِيمٌ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ مُجَاهِدٍ وَالْأَرْضَ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا، وَفِيمَا تَمَسَّكَ بِهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ثُمَّ التَّرْتِيبُ وَالْأَصْلَ فِي بَعْدَ الْبَعْدِيَّةُ، وَإِبْدَالُ الْحُرُوفِ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ مَجَازٌ وَاتِّسَاعٌ فِي اللِّسَانِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ إنَّ بَعْدَ هَاهُنَا بِمَعْنَى قَبْلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: ١٠٥] وَهُوَ الْقُرْآنُ.

[هَلْ يَجُوزُ وَصْفُ اللَّهِ بِالْعَقْلِ كَمَا يُوصَفُ بِالْعِلْمِ]

(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ وَصْفُ اللَّهِ بِالْعَقْلِ كَمَا يُوصَفُ بِالْعِلْمِ أَوْ يَمْتَنِعُ وَصْفُهُ بِالْعَقْلِ وَعَلَى هَذَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ وَهَلْ الْعَقْلُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْعَقْلَ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ فَقَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقًا هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْكَ بِكَ آخُذُ وَبِك أُعْطِي وَبِك أُثِيبُ وَبِكَ أُعَاقِبُ» ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَصْفُ اللَّهِ بِالْعَقْلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ عِلْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>