للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى شَجَاعَةِ الصِّدِّيقِ فَإِنَّ الشَّجَاعَةَ حَدُّهَا ثُبُوتُ الْقَلْبِ عِنْدَ حُلُولِ الْمَصَائِبِ وَلَا مُصِيبَةَ بَعْدُ أَعْظَمُ مِنْ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَظَهَرَتْ عِنْدَهَا شَجَاعَتُهُ وَعِلْمُهُ.

[رَقِيبٍ وَعَتِيدٍ هَلْ هُمَا مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ اللَّفْظَ لَيْلًا وَنَهَارًا]

(سُئِلَ) عَنْ رَقِيبٍ وَعَتِيدٍ هَلْ هُمَا مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ اللَّفْظَ لَيْلًا وَنَهَارًا أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ إنَّهُمَا مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ اللَّفْظَ فَأَيْنَ مَقْعَدُهُمَا، وَإِذَا قُلْتُمْ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ غَيْرُ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ فَمَا اسْمُ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَهَلْ رَقِيبٌ وَعَتِيدٌ لِلنَّاسِ كَافَّةً أَمْ لِكُلِّ شَخْصٍ رَقِيبٌ وَعَتِيدٌ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: ١٧] قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ هُمَا مَلَكَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ وَالْآخَرُ عَنْ الشِّمَالِ يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا مَلَكَانِ بِالنَّهَارِ وَمَلَكَانِ بِاللَّيْلِ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ عَلَى يَمِينِ الرَّجُلِ وَكَاتِبُ السَّيِّئَاتِ عَلَى يَسَارِهِ» وَقَالَ الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ مَجْلِسُهُمَا تَحْتَ الشَّفَتَيْنِ عَلَى الْحَنَكِ وَكَانَ الْحَسَنُ يُعْجِبُهُ أَنْ يُنَظِّفَ عَنْفَقَتَهُ أَيْ مُلَازِمٌ ثَابِتٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ضِدَّ الْقَائِمِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَا يُفَارِقَانِهِ وَذَكَرَ الْحَسَنُ أَنَّهُمَا يُفَارِقَانِهِ فِي حَالِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَفِي حَالِ جِمَاعِهِ، وَالرَّقِيبُ هُوَ الْحَافِظُ أَوْ الْمُتَتَبِّعُ لِلْأُمُورِ أَوْ الشَّاهِدُ وَالْعَتِيدُ هُوَ الْحَاضِرُ مَعَهُ أَيْنَمَا كَانَ أَوْ الْحَافِظُ الْمُعِدُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>