بِالتَّسَامُعِ بَيْنَ النَّاسِ وَنَحْوِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَاحِدِ تَقْلِيدُ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ لَا لِنَقْضِ اجْتِهَادِهِ بَلْ لِانْتِفَاءِ الثِّقَةِ بِمَذْهَبِهِ إذْ شُهْرَةُ الْمَذَاهِبِ سَبَبٌ لِظُهُورِ تَقْيِيدِ مُطْلَقِهَا وَتَخْصِيصِ عُمُومِهَا وَبِانْتِفَائِهَا تَنْتَفِي الثِّقَةُ بِمَذْهَبِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ رَوَى حَدِيثًا هُوَ «مَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ عَمِلَهَا إلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فَاعْتُرِضَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُجِبْ» فَهَلْ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ أَمْ بَاطِلٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَمَا الْجَوَابُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِلَفْظِ «مَا أَحَدٌ إلَّا وَقَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ لَيْسَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا» وَهُوَ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَظِيمِ شَرَفِهِ وَرِفْعَةِ مَنْزِلَتِهِ زِيَادَةً عَلَى عِصْمَتِهِ. ثَانِيهَا إبْقَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ لَهُ وَجَوَازُ وُقُوعِ الْأَمْرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ النُّبُوَّةِ. ثَالِثُهَا أَنَّ أَوْ فِيهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَيَكْفِي فِي صِدْقِهِ عَلَيْهِ وُقُوعُ الْهَمِّ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ النُّبُوَّةِ إذْ هُوَ مَيْلُ الطَّبْعِ وَمُنَازَعَةُ الشَّهْوَةِ لَا الْقَصْدُ الِاخْتِيَارِيُّ وَلَيْسَ دَاخِلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute