سَمَاءِ الدُّنْيَا وَكَانَ لَهُ سُلْطَانُهَا وَسُلْطَانُ الْأَرْضِ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِكَةِ اجْتِهَادًا، وَأَكْثَرُهُمْ عِلْمًا وَكَانَ لَهُ يَسُوسُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَرَأَى لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ شَرَفًا وَعَظَمَةً فَذَلِكَ الَّذِي دَعَاهُ إلَى الْكُفْرِ فَعَصَى فَمَسَخَهُ اللَّهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: ٥٠] فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فِعْلًا وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ نَوْعًا وَمِنْهَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ رَوَيَا أَنَّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ ضَرْبًا يُقَالُ لَهُمْ الْجِنُّ وَمِنْهُمْ إبْلِيسُ خُلِقَ مِنْ نَارِ السَّمُومِ وَخُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا: إنَّهُ أَبُو الْجِنِّ كَمَا أَنَّ آدَمَ أَبُو الْبَشَرِ وَلَمْ يَكُنْ مَلَكًا لَكِنْ لَمَّا نَشَأَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمَلَائِكَةِ وَكَانَ مَأْمُورًا بالألون مِنْهُمْ فَغَلَّبُوا عَلَيْهِ، وَالْجِنُّ مَأْمُورُونَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ لَكِنَّهُ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْأَكَابِرَ مَأْمُورُونَ بِالتَّذَلُّلِ لِأَحَدٍ وَالتَّوَسُّلِ بِهِ عُلِمَ أَنَّ الْأَصَاغِرَ أَيْضًا مَأْمُورُونَ بِهِ. وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ مِنْ الْجِنِّ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْأَرْضِ وَقَاتَلَهُمْ الْمَلَائِكَةُ فَسَبَوْهُ صَغِيرًا وَتَعَبَّدَ مَعَهُمْ وَخُوطِبَ وَاحْتَجَّ لِكَوْنِهِ مِنْ الْجِنِّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الْمَلَائِكَةَ بِقَوْلِهِ {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute