أَشْرَفِ الْجِهَاتِ مَعَ تَشْبِيهَاتٍ دَقِيقَةٍ فِي التَّنْزِيهِ الْمُطْلَقِ عَمَّا هُوَ سِمَاتُ الْحُدُوثِ، وَتَوَجُّهُ الْعُقَلَاءِ إلَى السَّمَاءِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ وَمِنْهَا تُتَوَقَّعُ الْخَيْرَاتُ وَالْبَرَكَاتُ وَهُبُوطُ الْأَنْوَارِ وَنُزُولُ الْأَمْطَارِ. اهـ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ فِي الْجِهَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالتَّوَجُّهِ فِي الصَّلَاةِ إلَى الْكَعْبَةِ وَلَيْسَ هُوَ فِي جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَأُمِرُوا بِرَمْيِ أَبْصَارِهِمْ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِمْ حَالَةَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْأَرْضِ وَكَذَا حَالُ السُّجُودِ أُمِرُوا بِوَضْعِ الْوُجُوهِ عَلَى الْأَرْضِ وَلَيْسَ هُوَ تَحْتَ الْأَرْضِ فَكَذَا هُنَا بَلْ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ وَخُضُوعٌ وَخُشُوعٌ وَقِيلَ إنَّ الْعَرْشَ جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْقُلُوبِ عِنْدَ الدُّعَاءِ كَمَا جُعِلَتْ الْكَعْبَةُ قِبْلَةَ الْأَبْدَانِ فِي الصَّلَاةِ. وَعِبَارَةُ الْمَوَاقِفِ الْمَقْصِدُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ فِي جِهَةٍ، وَخَالَفَ فِيهِ الْمُشَبِّهَةُ وَخَصَّصُوهُ بِجِهَةِ الْفَوْقِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ كَرَّامٍ إلَى أَنَّ كَوْنَهُ فِي الْجِهَةِ لِكَوْنِ الْأَجْسَامِ فِيهَا قَالَ وَهُوَ مَا بَيْنَ الصَّفْحَةِ الْعُلْيَا مِنْ الْعَرْشِ وَتَجُوزُ عَلَيْهِ الْحَرَكَةُ وَالِانْتِقَالُ وَتَبَدُّلُ الْجِهَاتِ وَعَلَيْهِ الْيَهُودُ حَتَّى قَالُوا الْعَرْشُ يَئِطُّ مِنْ تَحْتِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute