للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا صَوَّرْته فِي جَوَابِ الْمُجِيبِ نَظَرٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُ بَنَى جَوَابَهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَظْهَرُ بِنَاؤُهُ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَصْرُ تَعَلُّقِ التَّكْلِيفِ عَلَى الْفِعْلِ دُونَ نَفْيِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَقْدُورٌ لِلْمُكَلَّفِ غَيْرُ حَاصِلٍ قَبْلَ التَّكْلِيفِ فَلَمْ يَصِحَّ تَعَلُّقُ التَّكْلِيفِ بِهِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْبَحْثِ وَلَا مَدْخَلَ لِهَذَا الْمَعْنَى فِي التَّعْلِيلِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْفِعْلَ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ الْهَيْئَةُ أَوْ إيجَادُهَا دَاخِلٌ تَحْتَ قُدْرَةِ الْمُكَلَّفِ.

وَغَيْرُ حَاصِلٍ قَبْلَ الطَّلَبِ فَيَصِحُّ تَعَلُّقُ التَّكْلِيفِ بِهِ فَلَيْسَ فِي قَوْلِهِمْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْهَيْئَةُ أَوْ إيجَادُهَا وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ وَمَا قَالَ مِنْ الْفَائِدَةِ عَلَى إجْمَالٍ فِي كَلَامِهِ بَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمُتَعَلَّقُ التَّكْلِيفِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي إلَخْ.

وَإِنْ تَبِعَ فِيهِ غَيْرَهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِمُتَعَلَّقِ التَّكْلِيفِ مَا وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِإِيجَادِهِ لَا مَا وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ مُكَلَّفٌ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ إيجَادُهُ إذْ الْمَطْلُوبُ إيجَادُهُ إنَّمَا هُوَ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَلَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ إذْ غَايَتُهُ تَعَلُّقُ الْخِطَابِ بِالْأَمْرَيْنِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْخِطَابَ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ عَلَى الْوَجْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>