للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّصَارَى أَنَّهُمْ أَوْرَدُوا سُؤَالًا عَلَى النُّبُوَّةِ صُورَتُهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا خَاتَمُ الرُّسُلِ، وَأَفْضَلُهُمْ وَمَنْ يَكُونُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بُرْهَانُهُ أَقْوَى الْبَرَاهِينِ لَا يُتَرَدَّدُ فِيهِ وَنَحْنُ نَرَى الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّ مُوسَى قَلَبَ الْعَصَا حَيَّةً وَعِيسَى أَحْيَا الْمَوْتَى وَصَالِحٌ أَتَى بِنَاقَةٍ مِنْ جَبَلٍ جَمَادٍ وَمُحَمَّدٌ إنَّمَا أَتَى بِكَلَامٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ وَالْخِلَافُ الْعَظِيمُ هَلْ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ مُحْدَثٌ وَهَلْ إعْجَازُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ لِلصَّرْفِ عَنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ، وَإِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ صَاحِبَ سَيْفٍ وَقَهْرٍ وَغَلَبٍ تَغَلَّبَ عَلَى النَّاسِ فَانْقَادُوا لَهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ بُرْهَانُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْوَى مِنْ بَرَاهِينِ سَائِرِ الرُّسُلِ وَمَا خُصَّ نَبِيٌّ بِشَيْءٍ إلَّا وَكَانَ لِنَبِيِّنَا مِثْلُهُ فَإِنَّهُ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَكَانَ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا إلَّا فِي حَالِ نُبُوَّتِهِ وَزَمَانِ رِسَالَتِهِ فَأُعْطِيَ آدَم أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ بِيَدِهِ وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى شَرْحَ صَدْرِهِ بِنَفْسِهِ وَخَلَقَ فِيهِ الْإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ وَهُوَ الْخَلْقُ النَّبَوِيُّ وَتَوَلَّى مِنْ آدَمَ الْخَلْقَ الْوُجُودِيَّ وَمِنْ نَبِيِّنَا الْخَلْقَ النَّبَوِيِّ، وَأَمَّا سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لَهُ فَلِأَجْلِ أَنَّ نُورَ نَبِيِّنَا كَانَ فِي جَبْهَتِهِ وَكَمَا عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا عَلَّمَ نَبِيَّنَا الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>