للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ حِينَ صَلَّى مَعَهُ الْعِشَاءَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ مَطِيرَةٍ عُرْجُونًا وَقَالَ انْطَلِقْ بِهِ فَإِنَّهُ سَيُضِيءُ لَك مِنْ بَيْنَ يَدَيْك عَشْرٌ وَمِنْ خَلْفِك عَشْرٌ فَأَضَاءَ لَهُ الْعُرْجُونُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ. وَأُعْطِيَ مُوسَى انْفِرَاقَ الْبَحْرِ لَهُ، وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا انْشِقَاقَ الْقَمَرِ لَهُ وَرُدَّتْ الشَّمْسُ لَهُ بَعْدَ مَا غَرُبَتْ فَمُوسَى تَصَرَّفَ فِي عَالَمِ الْأَرْضِ وَنَبِيُّنَا تَصَرَّفَ فِي عَالَمِ السَّمَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: ذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بَحْرًا يُسَمَّى الْمَكْفُوفُ، بَحْرُ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْقَطْرَةِ مِنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ الْبَحْرُ انْفَلَقَ لِنَبِيِّنَا حَتَّى جَاوَزَهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ انْفِرَاقِ الْبَحْرِ لِمُوسَى وَمِمَّا أُعْطِيَهُ مُوسَى إجَابَةَ دُعَائِهِ، وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُحْصَى فَمِنْهُ تَفْجِيرُ الْمَاءِ بِتَبُوكَ وَانْبِعَاثُهُ بِمَسِّهِ وَدَعْوَتِهِ وَمِنْهَا تَكَثُّرُ الطَّعَامِ الْقَلِيلِ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ. وَمِمَّا أُعْطِيَ مُوسَى تَفْجِيرَ الْمَاءِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَمَا أُوتِيَهُ نَبِيُّنَا مِنْ نَبْعِ الْمَاءِ وَانْفِجَارِهِ مِنْ يَدِهِ وَبَيْنِ أَصَابِعِهِ أَعْظَمُ فِي الْمُعْجِزَةِ فَإِنَّا نُشَاهِدُ هَذَا الْمَاءَ يَنْفَجِرُ مِنْ الْأَنْهَارِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَمُعْجِزَةُ نَبِيِّنَا هَذِهِ لَمْ تَكُنْ لِنَبِيٍّ قَبْلَهُ يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ لَحْمٍ وَدَمٍ فَكَفَى شُرْبَ وَطَهَارَةَ الْجَيْشِ وَكَانُوا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَكُلُّ مُعْجِزَةٍ لِلرُّسُلِ قَدْ سَلَفَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>