للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادَ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ فَقَدْ أُعْطِيَ نَبِيُّنَا الْبُرَاقَ الَّذِي هُوَ أَسْرَعُ مِنْ الرِّيحِ بَلْ أَسْرَعُ مِنْ الْبَرْقِ الْخَاطِفِ فَحَمَلَهُ مِنْ الْفَرْشِ إلَى الْعَرْشِ فِي سَاعَةٍ زَمَانِيَّةٍ، وَأَقَلُّ مَسَافَةِ ذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَذَلِكَ مَسَافَةُ السَّمَوَاتِ، وَأَمَّا إلَى الْمُسْتَوَى، وَإِلَى الرَّفْرَفِ فَذَلِكَ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ.

وَأَيْضًا الرِّيحُ سُخِّرَتْ لِسُلَيْمَانَ لِتَحْمِلَهُ إلَى نَوَاحِي الْأَرْضِ وَنَبِيُّنَا زُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ أَيْ جُمِعَتْ حَتَّى رَأَى مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَفَرْقٌ بَيْنَ مَنْ يَسْعَى إلَى الْأَرْضِ وَبَيْنَ مَنْ تَسْعَى لَهُ الْأَرْضُ، وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ مِنْ تَسْخِيرِ الشَّيَاطِينِ فَقَدْ رَبَطَ نَبِيُّنَا أَبَا الشَّيَاطِينِ إبْلِيسَ فِي سَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ وَخَيْرٌ مِنْهُ إيمَانُ الْجِنِّ بِنَبِيِّنَا فَسُلَيْمَانُ اسْتَخْدَمَهُمْ وَنَبِيُّنَا اسْتَسْلَمَهُمْ. وَأَمَّا عَدُّ الْجِنِّ مِنْ جُنُودِ سُلَيْمَانَ فَخَيْرٌ مِنْهُ عَدُّ الْمَلَائِكَةِ جِبْرِيلَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ جُمْلَةِ أَجْنَادِهِ بِاعْتِبَارِ الْجِهَادِ وَاعْتِبَارِ تَكْثِيرِ السَّوَادِ عَلَى طَرِيقِ الْأَجْنَادِ، وَأَمَّا عَدُّ الطَّيْرِ مِنْ جُمْلَةِ أَجْنَادِهِ فَأَعْجَبُ مِنْهُ حِمَايَةُ الْغَارِ وَتَوْكِيرُهَا فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ وَحِمَايَتُهَا لَهُ مِنْ عَدُوِّهِ، وَالْغَرَضُ مِنْ اسْتِكْثَارِ الْجُنْدِ إنَّمَا هُوَ الْحِمَايَةُ وَقَدْ حَصَلَتْ مِنْ أَعْظَمِ شَيْءٍ بِأَيْسَرِ شَيْءٍ.

وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ مِنْ الْمُلْكِ فَنَبِيُّنَا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا مَلِكًا وَنَبِيًّا عَبْدًا فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا، وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ

يَا خَيْرَ عَبْدٍ عَلَى كُلِّ الْمُلُوكِ وَلِي

<<  <  ج: ص:  >  >>