للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا وَعَدَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِأَنَّهُ سَيُظْهِرُ دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ بِقَوْلِهِ {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة: ٣٣] الْآيَةَ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إذَا غَزَا جُيُوشَهُ عَرَّفَهُمْ بِمَا وَعَدَهُمْ اللَّهُ مِنْ إظْهَارِ دِينِهِ لِيَثِقُوا بِالنَّصْرِ، وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ الْفَتْحُ يَتَوَالَى شَرْقًا وَغَرْبًا بَرًّا وَبَحْرًا قَالَ تَعَالَى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: ٥٥] .

وَقَالَ {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: ٢٧] وَقَالَ {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: ٧] وَقَالَ {الم} [الروم: ١] {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: ٢] {فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: ٣] فَهَذِهِ كُلُّهَا أَخْبَارٌ عَنْ الْغُيُوبِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إلَّا رَبُّ الْعَالَمِينَ أَوْ مَنْ أَوْقَفَهُ عَلَيْهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَوْقَفَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ لِتَكُونَ دَلَالَةً عَلَى صِدْقِهِ.

وَمِنْ وُجُوهِ إعْجَازِ الْقُرْآنِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ قِوَامُ جَمِيعِ الْأَنَامِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ وَمِنْهَا الْحِكَمُ الْبَالِغَةُ الَّتِي لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ تَصْدُرَ فِي كَثْرَتِهَا وَشَرَفِهَا مِنْ آدَمِيٍّ وَمِنْهَا التَّنَاسُبُ فِي جَمِيعِ مَا تَضَمَّنَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مِنْ غَيْرِ اخْتِلَالٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا مِنْ التَّكْرِيمِ بِمَا لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ «أُعْطِيت خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي فَإِنَّ كُلَّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>