الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» .
وَأَمَّا قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ مُحَيْصِنٍ قَوْله تَعَالَى {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: ١٢٨] بِفَتْحِ الْفَاءِ فَمَعْنَاهُ مِنْ أَشْرَفِكُمْ، وَأَفْضَلِكُمْ، وَأَعَزِّكُمْ نَسَبًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي سُؤَالِ هِرَقْلَ لِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ «كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ قَالَ هِرَقْلُ وَكَذَلِكَ تُبْعَثُ الرُّسُلُ فِي نَسَبٍ مِنْ قَوْمِهَا» . وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ أَزَلِ أُنْقَلُ مِنْ أَصْلَابِ الطَّاهِرِينَ إلَى أَرْحَامِ الطَّاهِرَاتِ» فَمَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ فِي نَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ سِفَاحًا فَقَدْ قَالَ الْكَلْبِيُّ كَتَبْت لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَمِائَةِ أُمٍّ فَمَا وَجَدْت فِيهِ سِفَاحًا وَلَا شَيْئًا مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ} [الأنعام: ٧٤] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ آزَرَ كَانَ عَمَّهُ لَا أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ قُرِئَ آزَرُ بِضَمِّ الرَّاءِ عَلَى النِّدَاءِ وَبَدْءُ الْأَبِ بِالِاسْمِ الْأَصْلِيِّ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْإِيذَاءِ وَقَدْ حَكَى تَعَالَى عَنْ إبْرَاهِيمَ الْحِلْمَ فَقَالَ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: ٧٥] وَكَيْفَ يَلِيقُ بِالرَّجُلِ الْحَلِيمِ مِثْلُ هَذَا الْجَفَاءِ لِأَبِيهِ وَقَالَ تَعَالَى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣] وَقَالَ {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: ٢٣] .
وَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُوسَى إلَى فِرْعَوْنَ أَمَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute