جَلَّ ذِكْرُهُ يَوْمَ خَلَقَ آدَمَ قَبَضَ مِنْ صُلْبِهِ قَبْضَتَيْنِ فَوَقَعَ كُلُّ طَيِّبٍ فِي يَمِينِهِ وَكُلُّ خَبِيثٍ بِيَدِهِ الْأُخْرَى فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ النَّارِ وَلَا أُبَالِي ثُمَّ أَعَادَهُمْ فِي صُلْبِ آدَمَ فَهُمْ يَنْسِلُونَ عَلَى ذَلِكَ إلَى الْآنَ» وَذَكَرَ أَحَادِيثَ أُخْرَى بِمَعْنَى ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ بَنِي آدَمَ مَخْلُوقُونَ الْآنَ مُودَعُونَ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَا مَعْنَاهُ «لَمْ أَزَلْ أُنْقَلُ مِنْ الْأَصْلَابِ الطَّيِّبَةِ إلَى الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ حَتَّى خَرَجْت مِنْ بَيْنِ أَبَوَيَّ» وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: ١٧] فِي سُورَةِ نُوحٍ مَا مَعْنَاهُ إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ النَّبَاتَاتِ مِنْ الْأَرْضِ وَجَعَلَهَا أَغْذِيَةً لَنَا وَخَلَقَ مِنْ الْأَغْذِيَةِ الْمَنِيَّ وَخَلَقَنَا مِنْ هَذَا الْمَنِيِّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ مَخْلُوقٌ مِنْ الْمَنِيِّ الَّذِي يَحْدُثُ مِنْ الْأَغْذِيَةِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِمْ مَخْلُوقِينَ مُودَعِينَ فِي الْأَصْلَابِ فَالْمَسْئُولُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقٍ وَاضِحٍ مُوجَزٍ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْرَجَ نَسَمَ بَنِي آدَمَ مِنْ صُلْبِهِ فَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ كَالذَّرِّ وَفِي بَعْضِهَا كَالْخَرْدَلَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ إنَّهَا الْأَرْوَاحُ قَبْلَ خَلْقِ الْأَجْسَادِ، وَإِنَّهُ جَعَلَ فِيهَا مِنْ الْمَعْرِفَةِ مَا عَلِمَتْ بِهِ مَا خَاطَبَهَا بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute