ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ فَأَوَّلُهُمْ كَلَمْحِ الْبَصَرِ ثُمَّ كَالرِّيحِ ثُمَّ كَحُضْرِ الْفَرَسِ ثُمَّ كَالرَّاكِبِ فِي رَحْلٍ ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ فِي مَشْيِهِ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْوُرُودُ الدُّخُولُ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إلَّا دَخَلَهَا وَكَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠١] فَالْمُرَادُ عَنْ عَذَابِهَا وَالِاحْتِرَاقِ بِهَا فَمَنْ دَخَلَهَا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهَا وَلَا يَحُسُّ مِنْهَا وَجَعًا وَلَا أَلَمًا فَهُوَ مُبْعَدٌ عَنْهَا فِي الْحَقِيقَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآخَرُ: لَا يَرِدُهَا مُؤْمِنٌ، وَقَوْلُ عِكْرِمَةَ: إنَّمَا يَرِدُهَا الظَّلَمَةُ وَقِيلَ وُرُودُهَا الْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ فَإِنَّهُ مَمْدُودٌ عَلَيْهَا، وَقَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَالسُّدِّيُّ وَقِيلَ هُوَ وُرُودُ إشْرَافٍ وَاطِّلَاعٍ وَقُرْبٍ وَقِيلَ وُرُودُ الْمُؤْمِنَ مَسُّ الْحُمَّى إيَّاهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» وَفِي الْحَدِيثِ «الْحُمَّى حَظُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ النَّارِ» .
(سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا} [النساء: ٨٣] وَكَيْفَ اسْتَثْنَى الْقَلِيلَ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ لَاتَّبَعَ الْكُلُّ الشَّيْطَانَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْخِطَابَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي مَعْنَى الْآيَةِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا أَنَّ مَعْنَاهَا لَوْلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute