فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ أَنْ لَا يَخْلُقَ اللَّهُ عَلَى يَدِهِ أَوْ أَنْ يَقْدِرَ غَيْرُهُ عَلَى مُعَارَضَتِهِ، وَإِلَّا كَانَ تَصْدِيقًا لِلْكَاذِبِ، وَأَنَّهُ يُحَالُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِكَوْنِهِ كَذِبًا، وَأَنَّ السِّحْرَ يُوجَدُ مِنْ ذَلِكَ السَّاحِرِ وَمِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ يَكُونُ جَمَاعَةٌ يَعْرِفُونَهُ وَيُمْكِنُهُمْ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالْمُعْجِزَةُ لَا يُمَكِّنُ اللَّهُ أَحَدًا أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهَا وَيُعَارِضَهَا. وَاجْتِنَابُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَعَلُّمِهِ بَلْ عَلَى تَصَوُّرِهِ بِوَجْهٍ مَا فَإِنْ تَصَوَّرَهُ بِرَسْمِهِ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّهُ بِهِ وَقَفَ عَلَى جَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ إجْمَالًا حَتَّى أَنَّ كُلَّ جُزْئِيَّةٍ تَرِدُ عَلَيْهِ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْهُ. وَقَدْ رَسَمَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ عِلْمٌ بِكَيْفِيَّةِ اسْتِعْدَادَاتٍ تَقْتَدِرُ بِهَا النُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ عَلَى ظُهُورِ التَّأْثِيرِ فِي عَالَمِ العناص، وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ كَلَامٌ مُؤَلَّفٌ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَتُنْسَبُ إلَيْهِ الْمَقَادِيرُ وَالْكَائِنَاتُ وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ كُلُّ أَمْرٍ يَخْفَى سَبَبُهُ وَيُتَخَيَّلُ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَةٍ وَيَجْرِي مَجْرَى التَّمْوِيهِ وَالتَّخْيِيلِ، وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مَا يُسْتَعَانُ فِي تَحْصِيلِهِ بِالتَّقَرُّبِ إلَى الشَّيْطَانِ مِمَّا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْإِنْسَانُ
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي اجْتِنَابِهِ مَا ذَكَرْته مَا قَالَهُ أَئِمَّتُنَا مِنْ أَنَّ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ عِلْمَ دَاءِ الْقُلُوبِ الْمُفْسِدَ لَهَا لِيَحْتَرِزَ عَنْهَا وَهِيَ عِلْمُ أَمْرَاضِهَا الَّتِي تُخْرِجُهَا مِنْ الصِّحَّةِ وَتَحْصُلُ عِنْدَهَا كَالْعُجْبِ وَهُوَ اسْتِعْظَامُ الْآدَمِيِّ نَفْسَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَالرُّكُونُ إلَيْهَا مَعَ نِسْيَانِ إضَافَتِهَا لِلْمُنْعِمِ، وَالْكِبْرُ وَهُوَ أَنْ يَتَعَدَّى الشَّخْصُ طَوْرَهُ وَقَدْرَهُ وَهُوَ خُلُقٌ فِي النَّفْسِ، وَأَفْعَالٌ تَصْدُرُ مِنْ الْجَوَارِحِ وَالْحَسَدِ وَهُوَ كَرَاهَتُك نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِك وَهُوَ تَمَنِّيك زَوَالَهَا عَنْهُ هَذَا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَطْهِيرُ قَلْبِهِ مِنْهَا بِغَيْرِ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَأَنْ رُزِقَ قَلْبًا سَلِيمًا مِنْهَا كَفَاهُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَمْيِيزِ السِّحْرِ عَمَّا فِيهِ شِبْهُهُ مِنْ الْعُلُومِ كالسيميا وَالشَّعْبَذَةِ لِمُشَارَكَتِهَا إيَّاهُ فِي وُجُوبِ اجْتِنَابِهَا لِتَحْرِيمِهَا عَلَى أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute