شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا بِتَرْكِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّقَ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَتَخَيَّلُ مِنْ النَّفْيِ، وَكَمَا فِي نَظَائِرِهِ نَحْوُ الشَّهَادَةِ بِإِعْسَارِهِ وَأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ، وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تُقْبَلُ وَتُعْلِمُهُ الْبَيِّنَةُ الْمُطَّلِعَةُ عَلَى أَحْوَالِ الزَّوْجَيْنِ الْبَاطِنَةِ وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ فِي فَتْوَاهُ وَحَلَفَتْ بِالْوَاوِ وَقَدْ رَأَيْتهَا كَذَلِكَ فِي نُسَخٍ مِنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِأَوْ بَدَلَ الْوَاوِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ غَلَطِ النُّسَّاخِ إذْ مَدْلُولُهُ حِينَئِذٍ الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَتْ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهَا أَيْضًا إذَا كَانَ الْمُعَلِّقُ حَاضِرًا، وَإِنَّمَا يَمِينُهَا الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِهِ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ وَأَمَّا تَضَرُّرُهَا الْمَذْكُورُ فَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْمُسَوِّغِ الشَّرْعِيِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَمْ تَعْلَمْ مَكَانَهُ وَلَا إعْسَارَهُ وَلَا يَسَارَهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ تَمْكِينُهَا مِنْ فَسْخِ نِكَاحِهَا مَعَ تَضَرُّرِهَا بِغَيْبَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِنْفَاقِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا قَوْلُ الْقَاضِي وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحُكْمِ نَظَائِرِهَا لَا مَا بَحَثَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute