للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد مثله بل ما هو أظهر منه كقوله:

وكن في مكان إذا ما سقطت ... تقوم ورجلك في عافيه. فتأمل

أُولئِكَ إشارة إلى المذكورين في السورة الكريمة، وما فيه من معنى البعد للإشعار بعلو مرتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل. وهو مبتدأ وقوله تعالى الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي بفنون النعم الدينية والدنيوية حسبما أشير إليه مجملا خبره على ما استظهره في البحر، والحصر عند القائل به إضافي بالنسبة إلى غير الأنبياء الباقين عليهم الصلاة والسّلام لأنهم معروفون بكونهم منعما عليهم فينزل الأنعام على غيرهم منزلة العدم، وقيل: يقدر مضاف أي بعض الذين أنعم الله عليهم وقوله تعالى مِنَ النَّبِيِّينَ بيان للموصول، وقيل: من تبعيضية بناء على أن المراد أولئك المذكورون الذين أنعم الله تعالى عليهم بالنعم المعهودة المذكورة هنا فيكون الموضوع والمحمول مخصوصا بمن سمعت وهم بعض النبيين وعموم المفهوم المراد من المحمول في نفسه ومن حيث هو في الذهن لا ينافي أن يقصد به أمر خاص في الخارج كما لا يخفى واختير حمل التعريف في الخبر عن الجنس للمبالغة كما في قوله تعالى ذلِكَ الْكِتابُ [البقرة: ٢] ، والمحذور مندفع بما ذكرنا ومِنَ في قوله سبحانه مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ قيل بيانية والجار والمجرور بدل من الجار والمجرور السابق والمجرور بدل من المجرور بإعادة الجار وهو بدل بعض من كل بناء على أن المراد ذريته الأنبياء وهي غير شاملة لآدم عليه السّلام ولا يخفى بعده، وقيل: هي تبعيضية لأن المنعم عليه أخص من الذرية من وجه لشمولها بناء على الظاهر المتبادر منها غير من أنعم عليه دونه ولا يضر في ذلك كونها أعم منها من وجه لشموله آدم والملك. ومؤمني الجن دونها وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ أي ومن ذرية من حملناهم معه عليه السّلام خصوصا وهم من عدا إدريس عليه السّلام لما سمعت من أنه قبل نوح وإبراهيم عليه السّلام كان بالإجماع من ذرية سام به نوح عليهما السّلام وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وهم الباقون. وَإِسْرائِيلَ عطف على إِبْراهِيمَ أي ومن ذرية إسرائيل أي يعقوب عليه اسلام وكان منهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السّلام، وفي الآية دليل على أن أولاد البنات من الذرية لدخول عيسى عليه السّلام ولا أب له، وجعل إطلاق الذرية عليه بطريق التغليب خلاف الظاهر وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا عطف على قوله تعالى مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ ومن للتبعيض أي ومن جملة من هديناهم إلى الحق واخترناهم للنبوة والكرامة.

وجوز أن يكون عطفا على قوله سبحانه مِنَ النَّبِيِّينَ. ومن للبيان وأورد عليه أن ظاهر العطف المغايرة فيحتاج إلى أن يقال: المراد ممن جمعنا له بين النبوة والهداية والاجتباء للكرامة وهو خلاف الظاهر، وقوله تعالى إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا استئناف مساق لبيان خشيتهم من الله تعالى واخباتهم له سبحانه مع ما لهم من علو الرتبة وسمو الطبقة في شرف النسب وكمال النفس والزلفى من الله عز سلطانه.

وقيل: خبر بعد خبر لاسم الإشارة، وقيل: إن الكلام انقطع عند قوله تعالى وَإِسْرائِيلَ، وقوله سبحانه وَمِمَّنْ هَدَيْنا خبر مبتدأ محذوف وهذه الجملة صفة لذلك المحذوف أي وممن هدينا واجتبينا قوم إذا تتلى عليهم إلخ، ونقل ذلك عن أبي مسلم،

وروى بعض الإمامية عن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما أنه قال: نحن عنينا بهؤلاء القوم

، ولا يخفى أن هذا خلاف الظاهر جدا وحال روايات الإمامية لا يخفى على أرباب التمييز، وظاهر صنيع بعض المحققين اختيار أن يكون الموصول صفة لاسم الإشارة على ما هو الشائع فيما بعد اسم الإشارة وهذه الجملة هي الخبر لأن ذلك أمدح لهم، ووجه ذلك ظاهر عند من يعرف حكم الأوصاف والأخبار، وسجدا جمع ساجد وكذا بكيّا جمع باك كشاهد وشهود وأصله بكوى اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء

<<  <  ج: ص:  >  >>