للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: مخلصون لله تعالى من قوله تعالى: بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ [البقرة: ١١٢] ، وقيل: هو تعليل لما يدل عليه الكلام من أنهم يسمعون إسماعا نافعا لهم، وفي توحيد الضمير تارة. وجمعه أخرى رعاية للفظ من ومعناها.

واستدل بقوله سبحانه: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى على أن الميت لا يسمع كلام الناس مطلقا، وسيأتي إن شاء الله تعالى تفصيل الكلام في ذلك في سورة الروم على أتم وجه وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بيان لما أشير إليه بقوله تعالى: بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ من بقية ما يستعجلونه من الساعة ومباديها، والمراد بالقول ما نطق من الآيات الكريمة بمجيء الساعة وما فيها من فنون الأهوال التي كانوا يستعجلونها وبوقوعه قيامها وحصولها عبر عن ذلك به للإيذان بشدة وقعها وتأثيرها، وإسناده إلى القول لما أن المراد بيان وقوعها من حيث إنها مصداق للقول الناطق بمجيئها، وقد أريد بالوقوع دنوه واقترابه كما في قوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النحل: ١] ففيه مجاز المشارفة أي إذا دنا وقوع مدلول القول المذكور الذي لا يكادون يسمعونه ومصداقه.

أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ وذلك على ما أخرج ابن مردويه من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا، وهو.

وجماعة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما موقوفا «حين يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: «أكثروا الطواف بالبيت من قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه وأكثروا تلاوة القرآن من قبل أن يرفع، قيل: وكيف يرفع ما في صدور الرجال؟ قال: يسرى عليهم ليلا فيصبحون منه فقراء وينسون قول لا إله إلا الله ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم فذلك حين يقع القول عليهم» ، وهذا ظاهر في أن خروج الدابة حين لا يبقى في الأرض خير، ويقتضي ذلك أن يكون بعد موت عيسى والمهدي وأتباعهما عليهم السلام، وسيأتي إن شاء الله تعالى من الأخبار ما هو ناطق بأنها تخرج وعيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون.

وأخرج نعيم بن حماد عن وهب بن منبه قال: أول الآيات الروم والثانية الدجال والثالثة يأجوح ومأجوج والرابعة عيسى والخامسة الدخان والسادسة الدابة، وصوب السفاريني أنها قبل الدخان، والحق أنها تخرج وفي الناس مؤمن وكافر، فالظاهر أن الخبر المذكور عن ابن مسعود غير صحيح، ويدل على ما ذكرنا من الحق ما

أخرج أحمد والطيالسي ونعيم بن حماد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام فتجلو (١) وجه المؤمن بالخاتم وتحطم أنف الكافر بالعصا حتى يجتمع الناس على الخوان يعرف المؤمن من الكافر»

وقد اختلفت الروايات فيها اختلافا كثيرا، فحكى أبو حيان في البحر والدميري في حياة الحيوان رواية أنه يخرج في كل بلد دابة مما هو مبثوث نوعها في الأرض فليست دابة واحدة وعليه يراد بدابة الجنس الصادق بالمتعدد، وأكثر الروايات أنها دابة واحدة وهو الصحيح، فالتعبير عنها باسم الجنس وتأكيد إبهامه بالتنوين الدال على التفخيم من الدلالة على غرابة شأنها وخروج أوصافها عن طور البيان ما لا يخفى، وعلى كونها واحدة اختلف فيها أيضا فقيل: هي من الإنس واستؤنس له بما

روى محمد بن كعب القرظي قال: سئل عليّ كرّم الله تعالى وجهه عن الدابة فقال: أما والله إنها ليست بدابة لها ذنب ولكن لها لحية

، وفي الميزان للذهبي عن جابر الجعفي-


(١) قوله: فتجلو إلخ قال الطيبي: أهل الحديث يروونه بالحاء المهملة وفتح اللام والهمز من حلأت الأديم إذا قشرته، وفي الكشاف، وكذا في المطلع بالجيم من جلوت السيف إذا صقلته اهـ منه. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>