بمكان من العقيق أنيس ... بارد الظل طيب الغدوات
ويقول في البئر السري بن عبد الرحمن الأنصاري:
كفنوني إن مت في درع أروى ... واستقوا لي من بئر عروة مائي
سخنة في الشتاء باردة ... الصيف سراج في الليلة الظلماء
ومنها قصر عاصم بن عمرو وقصر المغيرة بن أبي العاصي وقصر عنبسة بن عمرو، وقد نزل به جعفر بن سليمان لما كان واليا على المدينة، وابتنى إليه أرباضا أسكنها حشمه ثم تحول منه إلى العرصة، فابتنى بها وسكبنها حتى عزل، وفي ذلك يقول ابن المزكّي:
أوحشت الجماء من جعفر ... وطالما كانت به تعمر
كم صارخ يدعو وذي كربة ... يا جعفر الخيرات يا جعفر
أنت الذي أحييت بذل الندى ... وكان قد مات فلا يذكر
ومنها قصر المستقر لأبي بكر بن عبد الله بن مصعب، وقصر عبد الله بن أبي بكر بن عمرو، وقصر إبراهيم بن هشام، وقصر آل طلحة، وقصر خارجة، وقصر عبد الله بن عامر، وقصر مروان بن الحكم، وقصر سعيد بن العاص الجواد الشهير.
وبالجملة، فقد كان في العقيق صروح شماء ورياض فيحاء ومروج خضراء، ولا تزال معالم تلك القصور قائمة تنبئك عن مدينة واسعة ومجد تليد وعز منيع، ولله عبد السلام بن يوسف إذ يقول شوقا إلى العقيق وساكنيه:
على ساكني بطن العقيق سلام ... وإن أسهروني بالفراق وناموا
حظرتم علي النوم وهو محلّل ... وحللتم التعذيب وهو حرام
إذا بنتمو عن حاجري وحجرتم ... على السمع أن يدنو إليه كلام
فلا ميلت ريح الصّبا فرع بانة ... ولا سجعت فوق الغصون حمام
ولا قهقهت فيه الرعود ولا بكى ... على حافتيه بالعشي غمام
فما لي وما للربع قد بان أهله ... وقد قوّضت من ساكنيه خيام
ألا ليت شعري هل إلى الرمل عودة ... وهل لي بتلك البانتين لمام
وهل نهلة من بئر عروة عذبة ... أداوي بها قلبا براه أوام
ألا يا حمامات الأراك إليكمو ... فما لي في تغريدكن مرام