للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا أخذنا بالشائع المشهور أن الذي بنى الكعبة إبراهيم عليه السلام، والذي بنى المسجد الأقصى داود أو سليمان عليهما السلام، نقع في إشكال، فالمدة بين إبراهيم عليه السلام، وداود عليه السلام متطاولة، حيث هاجر إبراهيم عليه السلام من العراق، ونزل ضيفا على أجدادنا الكنعانيين «١» ، العرب في فلسطين حوالي سنة ١٨٠٥ قبل الميلاد. وولد سيدنا إسماعيل في قرية الثميلة- قرب عسلوج في منطقة بئر السبع حوالي سنة ١٧٩٤ قبل الميلاد. وتولّى داوود الملك على قومه من سنة (١٠٠٤- ٩٦٣ ق. م) .


عن الإضافة، مثلما تقطع «قبل» ، و «بعد» عن الإضافة، والتقدير: أيّ مسجد وضع في الأرض، أول كل شيء.. هذا إذا حذفنا المضاف إليه ونوينا معناه. ويجوز أن نقول: «أول» بالنصب دون تنوين، إذا حذفنا المضاف إليه ونوينا لفظه نحو «تسابق شباب فلسطين إلى الجهاد، وذهب خالد أول» ، أي: أول الشباب. أول: ظرف زمان منصوب. ويجوز أن نقول: أولا: إذا حذفنا المضاف إليه لفظا ومعنى: نحو: جاهدت أولا. فإذا أضيف، نصب، كقولنا: «صليت أول الوقت» . وقد يأتي (أول) بمعنى مبدأ الشيء، ويعرب حسب موقعه نحو «أول تحرير الوطن رصاصة» ، يعرب مبتدأ. ومثله: أول الغيث قطر. وأيّ: في قوله: أيّ مسجد: اسم استفهام معرب مرفوع، يعرب هنا مبتدأ. وقوله: ثم أيّ: بالتنوين، معطوفة على الأول، ونونت لقطعها عن الإضافة والتقدير: أيّ مسجد.
(١) الكنعانيون: من العرب البائدة، ويقول الطبري، وابن خلدون، إنهم أول من أقاموا ملكا للعرب في بلاد الشام، وكانت لغتهم العربية، وقد قلّ الشبه بين لغتنا الحاضرة- لغة القرآن- ولغة الكنعانيين، لتباعد الأزمنة بيننا وبينهم، ومع ذلك بقيت عشرات الكلمات في لغتنا، تسربت إلينا من التاريخ البعيد، ومن ذلك- مع تحريف اللفظ- صيدون، بمعنى صيد. و «جشور» بمعنى جسر. و «لسن» بمعنى لسان. و «حمور» بمعنى حمار. و «لاهام» بمعنى لحم. و «باراق» بمعنى برق. و «قرت» بمعنى قرية، وكانت أول هجرات الكنعانيين العرب من الجزيرة العربية قبل حوالي خمسة آلاف سنة، وكانوا يعمرون الأرض قبل قدوم سيدنا إبراهيم بحوالي ألفي سنة، فنحن أولى بفلسطين بحقّ عروبتنا الكنعانية وعروبتنا العدنانية التي تنتمي إلى إبراهيم عن طريق إسماعيل، وبحق وراثة محمد صلّى الله عليه وسلّم أو دينه الإسلامي، الديانات السابقة التي نزلت على الأنبياء.

<<  <   >  >>