للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضها بعضا، أن آدم عليه السلام هو الذي بنى الكعبة، أو بنته الملائكة قبله في بعض الروايات، فإن المسجد الأقصى أيضا يكون من زمن آدم، أو قبله، لأن الحديث الصحيح ينصّ على أن بينهما أربعين سنة.

وقد جاء في الاثار التي رواها أهل الثقة وأهل الدراية بعلم الأخبار، أن أول من أسّس المسجد الأقصى آدم عليه السلام، وقيل:

الملائكة، وقيل: سام بن نوح. وقد روى ابن حجر العسقلاني عن ابن هشام، قال:

إن آدم لمّا بنى الكعبة أمره الله بالسير إلى بيت المقدس، وأن يبنيه، فبناه، ونسك فيه.

* قال مجير الدين الحنبلي: والحديث الشريف المتقدم (حديث أبي ذر) ، والأقوال والأحاديث التي تقول إنّ داود أو سليمان بنيا المسجد الأقصى: تدل على أن بناء داوود وسليمان- المسجد الأقصى، إنما كان على أساس قديم، لا أنهما المؤسسان له، بل هما مجدّدان، وكل قول من الأقوال الواردة في بناء المسجد الأقصى لا ينافي الاخر، فإنه يحتمل أن يكون بناه الملائكة أولا، ثم جدده آدم عليه السلام، ثم سام بن نوح، ثم داود وسليمان عليهما السلام، فإن كل نبيّ منهم بينه وبين الاخر مدة تحتمل أن يجدّد فيها البناء المتقدم قبله.

والقول: بأن «ملكي صادق، ملك اليبوسيين الكنعانيين، قد جدد عمرانه، قول قوي وهو الذي اختط مدينة بيت المقدس وبناها، وكان ملكا عليها، فلا يبعد أن يكون أسس المسجد حين بنائه المدينة، ولكن يحمل على تجديده البناء القديم، لا تأسيسه.

ومما يدل على وجود المسجد الأقصى قبل إبراهيم عليه السلام، ما يروى أن (ملكي صادق) ملك اليبوسيين العرب، نزل بأرض بيت المقدس، وقطن بكهف من جبالها، يتعبّد فيه، واشتهر أمره حتى بلغ ملوك الأرض الذين هم بالقرب منه، فحضروا إليه وسمعوا كلامه فأحبوه ودفعوا إليه مالا لبناء مدينة القدس، فلما عمرها سمّاها «بيت السلام» ، وقد اتّخذ بقعة الحرم الشريف معبدا له، فكان يقدم ذبائحه على موضع الصخرة المشرفة، وقد التقى سيدنا إبراهيم عند قدومه إلى فلسطين، واحتفل به لانتصاره على أعدائه.. وبذلك تكون له الأسبقية في الدعوة إلى التوحيد- في فلسطين- ويكون الكنعانيون أقدم من عرفنا من الأمم التي قدست بقعة الحرم الشريف، ويدلك على قدم البركة الدينية في فلسطين أن الله نجّى إبراهيم ولوطا إلى الأرض المباركة، فتكون هجرتهما إليها بسبب بركتها التي كانت تحلّ فيها منذ القدم، لأن الله وضع فيها المسجد الأقصى منذ بدء الخليقة، كما مرّ سابقا.

* وبهذا نعرف أن المسلمين، أهل

<<  <   >  >>