للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوحيد الذي جاءت به الأنبياء كلها، هم أولى الناس بميراث قواعد المسجد الأقصى، لأن الله أراده أن يكون للموحّدين المؤمنين برسالات الأنبياء، وليس في الدنيا من هو على رسالة التوحيد غير المسلمين، بل يرث المسلمون المسجد الأقصى، وبيت المقدس بحقّ أن أول من سكنها من الناس هم اليبوسيّون من العرب الكنعانيين، وبقوا صامدين فيها حتى بعد أن تمكن يوشع- بعد موسى- من دخول بعض أجزاء فلسطين، وبقيت على عربيتها حتى جاء داود وتمكن من دخولها، ومع ذلك لم يبرحها جميع أهلها، لأنهم هم الذين عملوا- في أيام داود- على تعمير المدينة والمساعدة في بناء الهيكل، ولم يدم حكم اليهود لها إلا مدة قصيرة لم تزد على مائة سنة في عهدي داود وسليمان، ثم عاد الحقّ إلى أهله بعد تشتت ورثة مملكة سليمان..

ويدلّك على ذلك أن القدس وفلسطين، كانت عربية خالصة العروبة، وتتوالى إليها الهجرات العربية، قبل الإسلام بحوالي عشرة قرون، وما كان الحكم الفارسي، واليوناني، والروماني، إلا عن طريق حاميات موزعة في أنحاء البلاد، أو عن طريق التبعية السياسية، ولم تكن لهؤلاء هجرة جماعية، ولذلك يقول أحد خبراء الأجناس: «إنّ رأي الفقهاء الأكفاء من أهل الخبرة والمعرفة أن فلاحي فلسطين الناطقين بالعربية، هم أخلاف للقبائل الكنعانية التي كانت تعيش هناك قبل الغزو الإسرائيلي- زمن موسى- وظلت أقدامهم ثابتة في التربة منذ ذلك التاريخ» .

وأما القول: إن عرب فلسطين والشام من سلالات العرب المسلمين الفاتحين، فهي فرية صهيونية روجتها في بلاد الغرب، وكاد أن يصدقها العرب أيضا ... والمقام يطول، إذا أتينا بالأدلّة على عروبة فلسطين عبر التاريخ، ولعلها تحتاج إلى مجلس مستقل آخر.

* وأقول بإيجاز: إن عروبة فلسطين، وأحقية العرب المسلمين بها، ظهرت في حكمة الإسراء والمعراج، وفي سيرة الرسول عليه السلام.

أما حكمة الإسراء والمعراج: فلأن الله تعالى أسرى برسوله إلى القدس، ثم عرج به إلى السماء من هناك، ولم يعرج به من مكة، للدلالة على الرابط الذي يربط بين القدس ومكة برابط واحد، وهو التوحيد الذي أوحاه الله إلى أنبيائه من السماء.. وفيه أيضا من الحكمة أن تكون فلسطين من مواطن نشر الدعوة الأولى، بعد انتشارها في وسط الجزيرة العربية، فقد جاء الإسلام إلى العرب أولا، ثم إلى الناس الاخرين ثانيا،

<<  <   >  >>