حيث كان لسان القرآن هو اللسان العربي، والمخاطب به هم العرب أولا، ولمّا كانت فلسطين والشام عربية توجهت إليها عناية الرسول عليه السلام منذ وقت مبكر، حيث تتابعت الرسائل التي تدعو ملوك الشام من العرب إلى الإسلام، كما تدعو هرقل الحاكم الروماني إلى الإسلام بوصفه المهيمن على ديار الشام سياسيا، وتتابعت سرايا رسول الله وغزواته نحو الشمال لهذا الهدف منذ السنة الخامسة من الهجرة، فكانت سريّة دومة الجندل، وذات السلاسل في أقصى الشمال، وكانت غزوة خيبر التي كان يقطنها اليهود لتأمين الطريق نحو الشام، وكانت غزوة تبوك، وكانت غزوة مؤته في موقع متقدم في شرقي الأردن، ثم كانت سرية أسامة بن زيد التي نفذت مهمتها في عهد أبي بكر الصديق، وقد توغلت في ديار الأردن وفلسطين، وكانت مأمورة بأن تجوس في خلال ديار (الداروم)(دير البلح اليوم) ، وبعد أن تمّ القضاء على أهل الردة في عهد أبي بكر، كانت أول البلاد التي توجهت إليها الجيوش هي بلاد الشام، ومنها فلسطين بل كانت أول معركة كبرى في فلسطين، وهي معركة أجنادين، بالقرب من بيت جبرين في قضاء الخليل، ثم تتابعت الفتوح بعدها.
* صفة المسجد الأقصى: يقع جنوب جامع الصخرة، وطوله ثمانون مترا وعرضه ٥٥ مترا- عدا ما ضيف إليه من الأبنية.
وأول ما يواجهك من هذا المسجد عند مدخله من الجهة الشمالية رواق كبير أنشأه الملك المعظم عيسى صاحب دمشق سنة ٦٣٤ هـ، وجدد من بعده، وهو مؤلف من سبع قناطر عقدت على ممشى ينتهي إلى سبعة أبواب، كل باب يؤدي إلى كور من أكوار المسجد السبعة. وللمسجد عشرة أبواب، والبناء قائم على ٥٣ عمودا من الرخام، وفوق الأعمدة قناطر يربط بعضها ببعض أخشاب ضخمة مستطيلة، وفوق القناطر صفّان من الطاقات، ويتألف باطن السقف من عوارض كلّها من الخشب وعدة ما في المسجد من السواري هي تسع وأربعون، وهي ضخمة مربعة الشكل مبنية بالحجارة.
والمحراب قائم على أعمدة من المرمر، وبجانبه المنبر وهو من الخشب المرصّع بالعاج والابنوس، عمل في عصر نور الدين زنكي «١» ، ويقابل المنبر دكة المؤذنين وهي على عمد من رخام.
ومن داخل المسجد من جهة الغرب جامع النساء أو الجامع الأبيض وهو عبارة
(١) وقد حرق مع ما حرق من المسجد الأقصى سنة ١٩٦٨ م.