للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقدرون على الماء إذ أقبل راكب على بعير، وأنشد بعض القوم [١] :

لمّا رأت أنّ الشّريعة همّها ... وأنّ البياض من فرائصها دامى [٢]

تيمّمت العين التى عند ضارج ... يفىء عليها الظّلّ عرمضها طامى [٣]

فقال الراكب: من يقول هذا؟ قالوا: امرؤ القيس، فقال: والله ما كذب، هذا ضارج عندكم، وأشار إليه، فمشوا على الرّكب، فإذا ماء غدق، وإذا عليه العرمض والظلّ يفىء عليه، فشربوا وحملوا، ولولا ذلك لهلكوا [٤] .

١٥٣* وممّا يتمثّل به من شعره قوله [٥] :

وقاهم جدّهم ببنى أبيهم ... وبالأشقين ما كان العقاب [٦]


[١] الديوان ١٨٢.
[٢] الشريعة: مشرعة الماء، وهى مورد الشاربة التى يشرعها الناس فيشربون منها ويستقون والعرب لا تسميها شريعة حتى يكون الماء عدا لا انقطاع له ويكون ظاهرا معينا لا يسقى بالرشاء. الفرائص: جمع فريصة، وهى لحمة عند نغض الكتف فى وسط الجنب عند منبض القلب، وهما فريصتان، ترتعدان عند الفزع.
[٣] ضارج: جبل، كما يفهم ذلك من كتاب صفة جزيرة العرب ص ١٧٨ س ٢ بمقارنته بشعر امرئ القيس فيه ص ٢٣٩ س ٦، ١٥. وذهب صاحب اللسان وغيره إلى أنه موضع ببلاد عبس. العرمض، بفتح العين والميم: الطحلب. قال فى اللسان ٣:
١٣٩: «همها: طلبها، والضمير فى رأت للحمر، يريد أن الحمر لما أرادت شريعة الماء خافت على أنفسها من الرماة وأن تدمى فرائصها من سهامهم عدلت إلى ضارج لعدم الرماة على العين التى فيه ... وطامى: مرتفع» . والبيت الثانى فيه أيضا ٩: ٥٠.
[٤] القصة فى اللسان ٣: ١٣٩ نقلها عن ابن برى عن النحاس أنه «روى بإسناد ذكره» .
ونقلها ياقوت فى البلدان ٥: ٤٢١- ٤٢٢ قال: «حدث إسحق بن إبراهيم الموصلى على أشياخه» . وسيذكرها المؤلف مرة أخرى مطولة ٥١ ل وسيأتى لنا بحث فيها إن شاء الله.
[٥] البيت من أبيات ثلاثة فى ديوانه ٥٠- ٥١ وهى الأصمعية ٤١ وستأتى ٤٤ ل.
[٦] جدهم: حظهم. ببنى أبيهم: يريد بنى كنانة الذين حاربهم يحسبهم بنى أسد، ثم كف عنهم حين تبين خطأه، وأسد وكنانة أخوان، هما ابنا خزيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>