للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيتين من شعر امرئ القيس: لمّا رأت البيتين، فقال الراكب: من يقول هذا الشعر؟ قال: امرؤ القيس، قال والله ما كذب، هذا ضارج عندكم، وأشار لهم إليه، فأتوه فإذا ماء غدق، وإذا عليه العرمض والظلّ يفىء عليه، فشربوا منه وارتووا، حتّى بلغوا النبىّ صلى الله عليه وسلم فأخبروه، وقالوا: أحيانا بيتان من شعر امرئ القيس، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «ذاك رجل مذكور فى الدنيا شريف فيها، منسىّ فى الآخرة خامل فيها، يجىء يوم القيمة معه لواء الشعراء إلى النار» [١] .


[١] هذه القصة نقلها المؤلف أيضا فى عيون الأخبار ١: ١٤٣: ١٤٤ عن ابن الكلبى.
ورواها صاحب الأغانى ٧: ١٢٣ فى قصة أخرى بإسناده عن عبد الله بن جعفر، ونقلها ياقوت فى البلدان ٥: ٤٢١- ٤٢٢ ثم قال: «هذا من أشهر الأخبار» . وهى مشهورة عند الإخباريين والأدباء ولكنها غير معروفة عند المحدثين، وهم الحجة فيما ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخبار، فإنى لم أجد أحدا منهم رواها أو أشار إليها.
إلا حديث «امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار» فقد رواه أحمد فى المسند ٢:
٢٢٨ من حديث أبى هريرة مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وهو حديث ضعيف جدا، ذكره ابن كثير فى التاريخ ٢: ٢١٨ عن المسند، وقال: «هذا منقطع، وورد من وجه آخر عن أبى هريرة، ولا يصح من غير هذا الوجه» . ورواه أيضا البزار، كما فى مجمع الزوائد ٨: ١١٩ وجمع الفوائد ٢: ١٦٨. وإسناده عند أحمد «ثنا هشيم ثنا أبو الجهم الواسطى عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة» وأبو الجهيم هذا يذكر فى بعض كتب الرجال باسم «أبو الجهم الإيادى» وهو مجهول، وضعفه أبو زرعة الرازى، وقال ابن عدى: «شيخ مجهول لا يعرف له اسم، وخبره منكر، ولا أعرف غيره» .
وقال ابن عبد البر: «لا يصح حديثه» . وفيه علة أخرى أنه موقوف على أبى هريرة، فقد رواه البخارى فى كتاب الكنى المطبوع فى حيدر آباد سنة ١٣٦٠ هـ ص ٢٠ برقم ١٥٤ قال: «أبو الجهم الإيادى، قال مسدد: نا هشيم قال: نا شيخ يكنى أبا الجهم عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: صاحب لواء الشعراء إلى النار امرؤ القيس، لأنه أول من أحكم الشعر» . وفى مجمع الزوائد ١: ١١٩: «عن عفيف الكندى قال: بينا نحن عند النبى صلى الله عليه وسلم إذ أقبل وفد من اليمن فذكروا امرؤ القيس بن حجر الكندى، وذكروا بيتين من شعره فيهما ذكر ضارج- ماء من مياه العرب- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك رجل مذكور فى الدنيا منسى فى الآخرة يجىء يوم القيامة معه لواء الشعراء يقودهم إلى النار» . رواه الطبرانى فى الكبير من طريق سعد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>