للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيرجى، ولا ميّت فينسى، وصخر يسمع كلامها، فشقّ عليه، وإذا قالوا لأمّه: كيف صخر اليوم؟ قالت أصبح صالحا بنعمة الله، فلمّا أفاق من علّته بعض الإفاقة، عمد إلى امرأته سلمى فعلّقها بعمود الفسطاط حتّى ماتت، وقال (غيره: بل قال: ناولونى سيفى لأنظر كيف قوّتى وأراد قتلها، وناولوه فلم يطق السيف، ففى ذلك يقول: أهمّ بأمر الحزم البيت. وأوّل الشعر) [١] :

أرى أمّ صخر ما تملّ عيادتى ... وملّت سليمى مضجعى ومكانى

وما كنت أخشى أن أكون جنازة ... عليك، ومن يغترّ بالحدثان [٢]

فأىّ امرئ ساوى بأمّ حليلة ... فلا عاش إلّا فى أذى وهوان [٣]

أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنّزوان [٤]

لعمرى لقد أنبهت من كان نائما ... وأسمعت من كانت له أذنان

وللموت خير من حياة كأنّها ... محلّة يعسوب برأس سنان [٥]

ثم نكس بعد ذلك من طعنته فمات، فكانت أخته خنساء ترثيه، (ولم تزل تبكيه حتّى عميت) .

٥٩٤* ودخلت خنساء على أمّ المؤمنين عائشة، وعليها صدار [٦] لها من شعر


[١] من الأصمعية ٤٧ وليس فيها البيت الأخير، وفيها بيتان آخران، والأبيات فى الخزانة ١: ٢٠٩.
[٢] الجنازة، بكسر الجيم، وفتحها غير فصيح، وهو السرير الذى يحمل عليه الميت، وإذا ثقل على القوم أمر أو اغتموا به فهو جنازة عليهم. والبيت فى اللسان ٧: ١٨٩.
[٣] أذى: رسمت فى ل «أذا» بالألف.
[٤] العير: الحمار. النزوان: الوثب. وفى اللسان أن هذا المثل أول من قاله صخر.
والبيت فيه ٢٠: ١٩١.
[٥] اليعسوب: أمير النحل وذكرها، ثم كثر ذلك حتى سموا كل رئيس يعسوبا. والبيت فى اللسان غير منسوب ٢: ٩٠ باختلاف فى صدره، وقال: «معناه أن الرئيس إذا قتل جعل رأسه على سنان، يعنى أن العيش إذا كان هكذا فهو الموت» .
[٦] الصدار، بكسر الصاد: ثوب رأسه كالمقنعة، وأسفله يغشى الصدر والمنكبين، تلبسه المرأة، وكانت المرأة الثكلى إذا فقدت حميمها فأحدت عليه لبست صدارا من صوف.
قاله فى اللسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>