بألحاظها، ولا تحدّه الألسن بألفاظها، ولا تخلقه العصور بمرورها، ولا تهرمه الدهور بكرورها» .
ثم أنتهى إلى الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فقال:«لم ير للكفر أثرا إلا طمسه ومحاه، ولا رسما إلا أزاله وعفّاه» .
ولا فرق بين مرور العصور وكرور الدهور، وكذلك لا فرق بين محو الأثر وعفاء الرسم.
ومن كلامه أيضا في كتاب، وهو:«وقد علمت أنّ الدولة العباسية لم تزل على سالف الأيام، وتعاقب الأعوام «١» ، تعتلّ طورا وتصحّ أطوارا، وتلتاث مرة وتستقل مرارا، من حيث أصلها راسخ لا يتزعزع، وبنيانها ثابت لا يتضعضع» .
وهذه الأسجاع كلها متساوية المعاني، فإن الاعتدال والالتياث والطّور والمرّة والرّسوخ والثّبات، كلّ ذلك سواء.
وكذلك ورد له في جملة كتاب كتبه عن عز الدولة بن بويه جوابا عن كتاب وصله من الأمير عبد الكريم بن المطيع لله، فقال:«وصلني كتابه مفتتحا من الاعتزاء إلى إمارة المؤمنين، والتقلد لأمور المسلمين، بما أعراقه الزكية مجوّزة لاستمراره، وأرومته العلية مسوّغة لاستقراره، له ولكل نجيب أخذ بحظه من نسبه، وضارب بسهم في منصبه؛ إذ كان ذلك جاريا على الأصول المعهودة فيه، والأسباب العاقدة له، من إجماع المؤمنين كافة، فإن تعذر اجتماعهم مع انبساطهم في الأرض، وانتشارهم في الطول والعرض؛ فلا بد من اتفاق أشراف كل قطر وأفاضله، وأعيان كل صقع وأماثله» .
وهذا الكلام كله متماثل المعاني في أسجاعه، فإن إمارة المؤمنين والتقلّد لأمور المسلمين سواء في المعنى، وكذلك الأعراق والأرومة، والتجويز والتسويغ، والأشراف والأفاضل، والأعيان والأماثل، والقطر والصّقع، كل ذلك سواء.