الإعظام لأكابرهم، والاشتمال على أصاغرهم؛ واجب متضاعف الوجوب عليه، متأكد اللزوم له، ومن كان منهم في دون تلك الطبقة من أحداث لم يحتنكوا عليه، وجذعان لم يقرحوا، ومجرين إلى ما يزري بأنسابهم، ويغضّ من أحسابهم، عذلهم وأنّبهم، ونهاهم ووعظهم، فإن نزعوا وأقلعوا فذاك المراد بهم، والمقصد فيهم، وإن أصرّوا وتتابعوا أنالهم من العقوبة بقدر ما يكف ويردع؛ فإن نفع وإلا تجاوزه إلى ما يلذع ويوجع، من غير تطرّق لأعراضهم، ولا امتهان لأحسابهم؛ فإن المغرض منهم الصيانة، لا الإهانة، والإدالة، لا الإذالة، وإذا وجبت عليهم الحقوق، أو تعلقت بهم دواعي الخصوم، قادهم إلى الإغفاء بما يصح منها ويجب، والخروج إلى سنن الحق فيما يشتبه ويلتبس، ومتى لزمتهم الحدود أقامها عليهم بحسب ما أمره الله تعالى فيها، بعد أن تثبت الجرائم وتصح، وتبين وتتضح، وتتجرد عن الشك، وتتجلى من الظن والتهمة، فإنّ الذي يستحب في حدود الله عز وجل أن تدرأ مع نقصان اليقين والصحة، وأن تمضى عليهم مع قيام الدليل والبينة؛ قال الله عز وجل: ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون.
وأمره بحياطة أهل النسب الأطهر، والشرف الأفخر، عن أن يدّعيه الأدعياء، أو يدخل فيه الدّخلاء، ومن أنتمى إليه كاذبا، أو انتحله باطلا، ولم يوجد له بيت في الشجرة، ولا مصداق عند النسابين المهرة، أوقع به كذبه وفسقه وشهره شهرة ينكشف بها غشه ولبسه، وينزع بها غيره ممن تسوّل له ذلك نفسه، وأن يحصن الفروج عن مناكحة من ليس كفئا لها في شرفها وفخرها، حتى لا يطمع في المرأة الحسيبة النسيبة إلا من كان مثلا لها مساويا، ونظيرا موازيا، فقد قال الله تعالى:
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
وأمره بمراعاة متبتّلي أهله ومتهجديهم، وصلحائهم ومجاوريهم، وأراملهم وأصاغرهم، حتى تستد الخلّة من أحوالهم، وتدرّ المواد عليهم وتتعادل أقساطهم فيما يصل إليهم من وجوه أموالهم، وأن يزوج الأيامى، ويربي اليتامى، وليلزمهم المكاتب فيتلقنوا القرآن، ويعرفوا فرائض الإسلام والإيمان، ويتأدبوا بالآداب اللائقة بذوي الأحساب؛ فإن شرف الأعراق، محتاج إلى شرف الأخلاق، ولا حمد لمن شرفه حسبه، وسخف أدبه، إذ كان لم يكتسب الفخر الحاصل بفضل سعي ولا