يتلى القرآن الكريم، ويتعوذ العائذون، ويتعبد المتعبدون، ويتهجد المتهجدون، وحقيق على المسلمين أجمعين من وال ومولى عليه أن يصونها ويعمرها، ويواصلها ولا يهجرها، وأن يقيم الدعوة على منابرها لأمير المؤمنين ثم لنفسه، على الرسم الجاري فيها؛ قال الله تعالى في هذه الصلاة: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع
وقال في عمارة المساجد:
إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين.
وأمره أن يراعي أحوال من يليه من طبقات جند أمير المؤمنين ومواليه، ويطلق لهم الأرزاق، في أوقات الوجوب والاستحقاق، وأن يحسن في معاملتهم، ويجمل في استخدامهم، ويتصرّف في سياستهم بين رفق من غير ضعف، وخشونة في غير عنف، مثيبا لمحسنهم ما زاد بالإثابة في حسن الأثر، وسلم معها من دواعي الأشر، ومتغمدا لمسيئهم ما كان التغمد له نافعا، وفيه ناجعا، فإن تكرّرت زلّاته، وتتابعت عثراته، تناولته من عقوبته بما يكون له مصلحا، ولغيره واعظا، وأن يختص أكابرهم وأماثلهم وأهل الرأي والخطر منهم بالمشاورة في الملم، والإطلاع على بعض المهم، مستخلصا مخايل صدورهم بالبسط والإناء، ومستشحذا بصائرهم بالإكرام والاجتباء؛ فإن في مشاورة هذه الطبقة استدلالا على مواقع الصواب، وتحرّزا عن غلط الاستبداد، وأخذا بمجامع الحزامة، وأمنا من مفارقة الاستقامة، وقد حضّ الله عز وجل على الشورى حيث قال لرسوله عليه الصلاة والسلام:
وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين.
وأمره بأن يصمد بما يتصل «١» بنواحيه من ثغور المسلمين، ورباط المرابطين، ويقسم لها قسما وافرا من عنايته، ويصرف إليها طرفا بل شطرا من رعايته، ويختار لها أهل الجلد والشدة، وذوي البأس والنجدة، ممن عجمته الخطوب، وعركته الحروب، واكتسب دربة بخدع المتنازلين، وتجربة بمكايد المتقارعين، وأن يستظهر