للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمال، فصوب عمر نظره وصعّده، فلم يقع إلا عليه، فأدناه وسأله عن حاله، ثم أوصى أبا موسى الأشعري به.

وقد استعملت أنا هذا في جملة تقليد لبعض الملوك من ديوان الخلافة، فقلت:

وإذا استعنت بأحد على عملك فاضرب عليه بالأرصاد، ولا ترض بما عرفته من مبدأ حاله؛ فإن الأحوال تتنقل تنقّل الأجساد، وإياك أن تخدع بصلاح الظاهر كما خدع عمر بن الخطاب بالربيع بن زياد.

فانظر كيف فعلت في هاتين القصّتين؟ وكيف أوردتهما في الغرض الذي قصدته؟ وامض أنت على هذا النّهج، فإنه من محاسن هذه الصنعة.

وعرض عليّ كتاب كتبه عبد الرحيم بن علي البيساني «١» رحمه الله عن الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله إلى ديوان الخلافة ببغداد في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وضمّنه ما أبلاه في خدمة الدولة من فتح الديار المصرية، ومحو الدولة العلوية، وإقامة الدعوى العباسية، وشرح فيه ما قاساه في الفتح من الأهوال، ولما تأملته وجدته كتابا حسنا قد وفّى فيه الخطابة حقّها؛ إلا أنه أخل بشيء واحد، وهو أن مصر لم تفتح إلا بعد أن قصدت من الشام ثلاث مرات، وكان الفتح في المرة الثالثة، وهذا له نظير في فتح النبي صلّى الله عليه وسلّم مكة، فإنه قصدها عام الحديبية، ثم سار إليها في عمرة القضاء، ثم سار إليها عام الفتح ففتحها.

وقد سألني بعض الإخوان أن أنشىء في ذلك كتابا إلى ديوان الخلافة معارضا للكتاب الذي أنشأه عبد الرحيم بن علي رحمه الله، فأجبته إلى سؤاله، وعددت مساعي صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله، فقلت:

ومن جملتها ما فعله الخادم في الدولة المصرية وقد قام بها منبر وسرير، وقالت: منا أمير ومنكم أمير، فرد الدعوة العباسية إلى معادها، وأذكر المنابر ما نسيته بها من زهو أعوادها، وكانت أخرجت منها إخراج النبي صلّى الله عليه وسلّم من قريته، وقذف

<<  <  ج: ص:  >  >>