للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ما اختلف الصحابة في بعض حروف القرآن فقال: «يا أصحاب محمد اجتمعوا، فاكتبوا للناس إماما» (١) فنسخ الصحابة رضي الله عنهم من صحف أبي بكر مصحفا إماما ثم نسخوا منه مصاحف لسائر الأمصار، فنسب إليه من هذه الجهة، لا أنه اخترعه وابتكره.

ولم تراع الموافقة التامة بين المكتوب والمنطوق، لأن رسمه يحتمل أكثر من صورة منطوقة لعلل وحكم، بل كتب في بعض المواضع على الفرع دون الأصل ليدل الفرع على الأصل، وسيتجلى ذلك في موضعه.

وسموا رسم المصحف بالخط المتبع، وقالوا: إن رسمه سنة متبعة مقصورة عليه، فلا يقاس ولا يقاس عليه (٢)، ويقال: «خطان لا يقاس عليهما: خط المصحف، وخط العروض» (٣).

وموافقة الرسم العثماني للمنطوق تكون تحقيقا كما هو الحال في الخط القياسي، وفي أكثر المواضع في هجاء المصاحف، ويكون تقديرا كما هو الشأن في بعض المواضع في هجاء المصاحف. وذلك لأن الاختلاف يكون اختلاف تغاير وتنوع، وهو في حكم الموافق، فلا يلزم من صحة أحدهما بطلان الآخر. ويكون اختلاف تضاد أو تناقض، ويلزم من صحة أحدهما بطلان الآخر، وهذا لا يوجد في المصاحف.

ولذلك وزّع الصحابة رضي الله عنهم الأحرف التي لا يحتملها الرسم


(١) انظر: البرهان ١/ ٣٧٦، تاريخ القرآن وغرائب رسمه ٦.
(٢) انظر: المطالع النصرية ٢٧، البحر المحيط ٨/ ٤٣٣.
(٣) انظر: أدب الكتاب لابن درستويه ٢٧، البرهان ١/ ٣٧٦، همع الهوامع ٦/ ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>