إن الدراسة النقدية للكتاب، وإبراز ما فيه من جوانب مهمة، وأخرى سلبية، أو مآخذ على المؤلف هو من صنيع العلماء النقاد الذين جمعوا بين العلم والعمل الصالح، والذين هم في مستوى المؤلف أو فوقه، والذين لهم النظر البعيد في موضوع الكتاب، وليس من شأني. إلا أن الذي جعلني أبدي بعض الملاحظات أن الإنسان مهما أحرز من تقدم في ميادين العلم والمعرفة، فلن يبلغ درجة الكمال الذي هو لله وحده، ويسعفني في هذا الأمر الرجوع إلى كلام العلماء في مثل هذه الملاحظات على بعض ما فرط من المؤلف في كتابه، وأبني على كلامهم.
فأقول- والله المستعان-: من خلال دراستي للكتاب ومعايشتي له حينا من الدهر تبينت لي بعض الملاحظات على المؤلف ويمكن إرجاع هذه المآخذ إلى قسمين:
قسم يتعلق بالناحية المنهجية. وقسم يتعلق بالناحية العلمية.
أما فيما يتعلق بالقسم الأول، وهو المنهج الذي سار عليه في كتابه، وهو تتبع وصف هجاء المصاحف من أول القرآن إلى آخره، فاضطره ذلك إلى التكرار وحشد الأمثلة، وإعادتها دون الاكتفاء بالموضع الأول منها، والاستغناء بالمتقدم عن المتأخر وإحالته على المتقدم. بل جاء التكرار ظاهرة لافتة للانتباه، وهذه الملاحظة تعزى للمنهج، لا للمؤلف، لكن المؤلف أفرط فيها.
وقد لاحظ المؤلف نفسه ظاهرة التكرار، فبين وجه الحاجة إليه، فقال