وحينئذ وجه الأئمة عنايتهم إلى رسم المصاحف وإقامتها على نحو ما جاء في المصحف الإمام الذي وجه إليهم، فقامت المصاحف المنسوخة من الأمهات مقام الأصول.
فروى الأئمة عن المصاحف العثمانية أصولا وفروعا طريقة رسم هجاء الكلمات، وما أن وصلت تلك الرواية إلى عصر انتشار تدوين العلوم، حتى سارع علماء القراءات إلى تسجيل تلك الروايات في كتب، كانت أساسا لحفظ صور هجاء المصاحف، كما فعل ذلك نافع بن أبي نعيم (ت ١٦٩ هـ)، والغازي بن قيس (ت ١٩٩ هـ)، والمؤلف أبو داود (ت ٤٩٦ هـ) في مختصر التبيين لهجاء التنزيل.
وإلى كل ذلك أشار أبو عبد الله الخراز (ت ٧١٨ هـ) في نظمه:
ووضع الناس عليه كتبا* كل يبين عنه كيف كتبا (١)
[مصادر التأليف في الرسم العثماني]
وإذا تأملنا مصادر هجاء المصاحف، نجد أنها تنحصر في ثلاثة أنواع على الترتيب.
[أولها المصاحف المنسوخة من الأمهات]
وهي النواة الأولى التي عليها مدار التأليف في الهجاء، فأخذ علماء الرسم مادتهم منها، ونقلوا منها وصف هجاء الكلمات القرآنية.
(١) انظر: تنبيه العطشان ورقة ٢٥، فتح المنان ورقة ١٤، مجموع البيان في شرح مورد الظمآن للنزوالي الزرهوني ورقة ٣٠، محرر البيان في شرح مورد الظمآن ورقة ٢٥.