للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ج: اهتمام علماء الأندلس بهجاء المصاحف وإعرابها بالنقط]

إن من تتاح له فرصة الاطلاع والنظر في المصاحف المخطوطة العتيقة، وطرق رسم هجائها ونقطها والعناية بها، ليقف مبهورا، ويتملكه الإعجاب من الدقة والإتقان، وعجيب الصنع والضبط، سبحان من أنزل هذا الكتاب: إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون [الحجر: ٩].

فالمطابع الحديثة، وما جدّ فيها من مبتكرات تقف عاجزة عن التقليد والمحاكاة عما فعله السلف بأيديهم في مرسوم هجاء المصاحف، وخاصة أهل الأندلس الذين فاقت شهرتهم الآفاق وحفظت لنا كتب التاريخ والتراجم بعض العلماء ممن بلغت شهرتهم في مرسوم هجاء المصاحف الآفاق.

فبلغت عناية أهل الأندلس بمرسوم هجاء المصاحف إلى حدّ الإعجاب والإكبار.

وعدّ المقري رحمه الله من فضائلهم اختراعهم للخطوط المخصوصة بهم، فقال: «وكان خطهم أولا مشرقيا»، ونقل عن ابن سعيد قوله: «أما أصول الخط المشرقي، وما تجده له في القلب واللحظ من القبول فمسلم له، لكنّ خطّ الأندلس الذي رأيته، في مصاحف ابن غطوس الذي كان بشرق الأندلس، وغيره من الخطوط المنسوبة عندهم له حسن فائق، ورونق آخذ بالعقل، وترتيب يشهد لصاحبه بكثرة الصبر والتجويد» (١).


(١) انظر: نفح الطيب ٣/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>