للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما عبد الرحمن بن خلدون، فيقول في مقدمته:

«فكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان، والإجادة، ولا إلى التوسط، لمكان العرب من البداوة، والتوحش وبعدهم عن الصنائع، وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم، وكانت غير مستحكمة في الإجادة، فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها، ثم اقتفى التابعون من السلف فيها تبركا بما رسمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وخير الخلق من بعده المتلقون لوحيه من كتاب الله وكلامه» (١).

فابن خلدون يعزو اصطلاحية الرسم إلى عدم إجادة الصحابة للرسم بالكتابة، وفي زعمه أن هذه الأحرف الزائدة جاءت نتيجة لعدم معرفتهم لقواعد الكتابة، وأن التابعين ومن بعدهم اتبعوا رسم الصحابة للتبرك فقط.

وأثبت الشيخ محمد طاهر الكردي أن الرسم العثماني اصطلح عليه الصحابة رضي الله عنهم، وليس توقيفيا، واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلّم لا يقرأ ولا يكتب.

ثم إنه لما اختلف زيد بن ثابت ومن معه في كلمة: «التابوت» أيكتبونه بالتاء أم بالهاء رفعوا الأمر إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فأمرهم أن يكتبوها بالتاء، فلو كان الرسم توقيفيا بإملاء النبي صلى الله عليه وسلّم، لأمرهم أن يكتبوها بالكيفية التي أملاها رسول الله ولو كان الرسم توقيفيا لنعتوه


(١) انظر: مقدمة ابن خلدون الباب الخامس الفصل الثلاثون ص ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>