للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمثل هذا الإيجاز في الفصاحة والبلاغة، يقصر دونه أي رسم آخر، فلو رسمت الألف أو الياء في الخط على حد زعمهم لسقطت جميع القراءات الأخرى المتواترة، فرسم واحد أدّى وجوها كثيرة.

قال المؤلف أبو داود وهو يتحدث عن قوله تعالى: لما ءاتينكم (١):

«واكتفى الصحابة بفتح النون من الألف لدلالتها عليها حسب ما تقدم، وجمعها بين القراءتين بصورة واحدة حسب ما فعلوه في سائر المصاحف رضي الله عنهم».

وهذا الحذف حذف الألف لم يكن مقصورا على الرسم العثماني، وليس غريبا على لغة العرب، بل ورد الحذف في لغة العرب، ذكر ذلك أبو جعفر الطحاوي (ت ٣٢١ هـ) في معرض حديثه عن قوله تعالى: زكية (٢) واختلاف المصاحف فيها بالحذف والإثبات، قال: قال الكسائي إنهما لغتان بمعنى واحد، والعرب قد تفعل مثل هذا فتقول: القاصي، والقصي.

وأنشدني بعض أهل العربية من أهل العرب لبعض الأعراب في خطابه لزوجته في ولد ولدته فأنكره:

لتقعدن مقعد القصيّ* وتحلفي بربك العليّ قال الطحاوي:

يريد بالقصي: القاصي، وبالعلي: العالي (٣).


(١) من الآية ٨٠ آل عمران.
(٢) من الآية ٧٣ الكهف.
(٣) انظر: مشكل الآثار للطحاوي ٤/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>