فهو كتاب كبير شامل، موسوعة علمية في موضوع هجاء المصاحف لا يستغني عنه طلاب العلم، لا سيما كتاب المصاحف منهم.
ثم إن المنهج الذي سار عليه أبو داود في كتابه التنزيل استغرق هجاء كل مصاحف الأمصار، ولا يكاد الذين ألفوا في علم هجاء المصاحف بعد أبي داود يخرجون عن هذا المنهج، بل قد يقصرون دونه في الاقتصار على حرف، كما صنع الخراز وغيره.
فكتاب:«التنزيل» من أقدم الكتب المؤلفة في علم هجاء المصاحف.
فالقرن الخامس هو الذي ظهرت فيه أشهر مؤلفات هجاء المصاحف، وإن كانت بدايته ترجع إلى ما قبل ذلك.
فيعد كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل من الكتب المتقدمة، ولم يؤلّف قبله إلا رجال معدودون، وتعد كتبهم مفقودة لم تصل إلينا، وإن ظهرت يوما ما فهي دونه، وهذا واضح من النقول عنها، والاقتباس منها؛ ككتاب حكم وكتاب عطاء وكتاب هجاء السنة للغازي بن قيس وكتاب نصير بن يوسف النحوي وكتاب أبي عمر الطلمنكي وابن الأنباري وابن أشتة وأبي عمرو الداني، كما هو واضح في كتابه المقنع وكتاب النقط.
ومما يدل على أهميته وقيمته العلمية قراءته على مؤلفه وروايته. ولقد استفاد منه العلماء، ورجعوا إليه عند الاختلاف، فهو الحجة في هذا الباب. ولما كان كذلك فقد اشتهر كتابه، وشاع ذكره، وعظم النفع به في سائر الأقطار، فاقتبسوا من نصوصه، واستشهدوا به، ونقلوا منه.