للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال علي بن بسام المتوفى ٥٤٢ هـ: «كان مجاهد فتى أمراء دهره، وأديب ملوك عصره، لمشاركته في علم اللسان، ونفوذه في علم القرآن، عني بذلك من صباه، ولم يشغله عن ذلك شاغل حتى صار في المعرفة نسيج وحده، وجمع من دفاتر العلوم خزائن جمة».

وكانت دولته أكثر الدول خاصة، وأسراها صحابة، لانتحاله العلم والفهم، فأمّه جماعة العلماء، وأنسوا بمكانه، وخيموا في ظل سلطانه، واجتمع عنده من طبقات علماء قرطبة وغيرها جملة وافرة» (١).

وذكر العلامة ابن خلدون أن أبا داود سليمان بن نجاح كان من مواليه، فحينئذ لا شك أنه استفاد منه ومن كتبه (٢).

وموطن أبي داود الأصلي هو بلنسية، ولد فيها وتوفي فيها، وكانت مركزا من مراكز العلوم. وهي شرق الأندلس، وهي حاضرة من حواضر الأندلس الكبرى، وما زالت هذه المدينة منذ أن خيم عليها الإسلام إلى أن تقلص ظله عنها دار علم، وتفكير وفضل غزير، ونعيم وملك كبير، وكانت دائما معقل العروبة، ومركز العربية، وموطن بحث وتحقيق، ومحط تصنيف وتنميق، وفيها من كل نزعة عربية صحيحة وكل عرق في العرب عريق (٣).

وقال شكيب أرسلان: «وكان الأقدمون يقولون: إن بلنسية قطعة نزلت


(١) الذخيرة في محاسن الجزيرة ق ٣ ج ١ ص ٢٣.
(٢) انظر: تاريخ ابن خلدون ١/ ٣٦٦.
(٣) انظر: الحلل السندسية ٣/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>