مختصرها لم يتصرف فيها ولم يحذف من كلام أبي داود شيئا يذكر، اللهم إلا أنه حذف الآيات القرآنية، واكتفى بذكر الكلمات التي هي رأس آية فقط، وأضاف لها بعض الكلام من «محكم» أبي عمرو الداني، وفصولا من «كتاب في عد آي القرآن» لأبي العباس أحمد بن قاسم بن عيسى (ت ٤١٠ هـ)، فهذه النسخة لا تزال نسخة كاملة من «مختصر التبيين» ومن هذه الجهة يصح نسبتها إلى أبي داود، لأنها حفظت لنا كلامه دون أدنى تصرف.
والثاني: لا تعدّ نسخة كاملة من «مختصر التبيين»، لأن مختصرها- غير معروف- أدخل عليها وأضاف لها كلاما من المحكم لأبي عمرو وكلاما لأبي العباس أحمد بن قاسم بن عيسى في عد الآي وحذف الآيات القرآنية، فمن هذه الجهة لا يصح نسبتها لأبي داود. جاء فيها ما يفيد أن مختصرها غير أبي داود؛ من ذلك مثلا جاء فيها:«انتهى كلام أبي داود».
وجاء فيها:«ثم أرجع إلى كلام الشيخ أبي داود رحمه الله».
وقال صاحبها:«لأن هذا ما أردنا به إلا الاختصار، ونرجع الآن إلى كلام أبي داود رحمه الله». فهذا يقطع أن هذه النسخة لم تكن من تأليف أبي داود من جهة تصرف الناسخ بإدخال كلام غيره فيه.
لهذا السبب لم استبعدها، ولم أساوها بالنسخ الأخرى ولم ألتزم بها في كل الحالات، وإنما رجعت إليها، وأثبت منها ما سقط من النسخ الأخرى، وهو نادر جدا، ولم أهملها بل قابلت بها جميع الكتب للتوثيق والتأكيد، وأشرت لها بحرف الميم.