قال أبو محمد بن حزم عن صاحب خزانته العلمية:«إن عدة الفهارس التي فيها تسمية الكتب أربع وأربعون فهرسة في كل فهرسة عشرون ورقة ليس فيها إلا ذكر الدواوين فقط».
وأقام للعلم والعلماء سوقا نافقة جلبت إليه بضائعه من كل قطر.
وكان يبعث في الكتب إلى الأقطار رجالا من التجار، ويرسل إليهم الأموال لشرائها، حتى جلب منها إلى الأندلس ما لم يعهدوه.
وجمع في داره الحذاق في صناعة النسخ، والمهرة في الضبط، والإجادة في التجليد، واجتمعت بالأندلس خزائن من الكتب لم تكن لأحد من قبله ولا من بعده».
وكان ذا غرام بالمصنفات، وله ورّاقون بأقطار البلاد ينتخبون له غرائب التواليف، وقلما يوجد كتاب من خزائنه إلا وله فيه قراءة أو نظر، في أي فن كان، فاستوسع علمه، ودق نظره وجمت استفادته (١).
ولم يعقب إلا هشاما مولى أبي داود، ولا عقب له ولا لأبيه، وحينئذ فلا شك أن هذه الخزائن من الكتب قد استفاد منها أبو داود، إن لم تكن قد آلت إليه.
يقول أبو العباس القلقشندي ت ٨٢١ هـ: «ويقال: إن أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاث خزائن، منها خزانة خلفاء بني أمية بالأندلس، وكانت من أجل خزائن الكتب أيضا، ولم تزل إلى انقراض دولتهم
(١) انظر: نفح الطيب ١/ ٣٩٥، الذخيرة لابن بسام ٢٠٢، أعمال الأعلام ٤١، جمهرة أنساب العرب ١٠٠.