للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اشتكاه الناس إلى أميرهم، فجمعهم وإياه، واحتجوا عليه بأنه قد خالف نص الآية الكريمة: وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لّارتاب المبطلون ٤٨ بل هو آيات بيّنات في صدور الّذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلّا الظّالمون ٤٩ (١).

فاستظهر عليهم بما لديه من المعرفة، وقال للأمير: «هذا لا ينافي القرآن، بل يؤخذ من مفهوم القرآن، لأنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن.

وأما بعد أن تحققت أميته، وتقررت بذلك معجزته وأمن الارتياب في ذلك، فلا مانع من أن يعرف الكتابة من غير معلم، فتكون معجزة أخرى له، ولا يخرج بذلك عن كونه أميا» (٢).

فالأمي يجوز أن يكتب بعد أميته، والله سبحانه وتعالى قد أطلق يد رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالكتابة في تلك الساعة معجزة له.

ونزولا عند رغبة الباجي كتب أمير دانية في المسألة إلى شيوخ إفريقية وصقلية، فجاءت الأجوبة من هناك بتصديقه وتصويب وجهة نظره، وتسويغ تأويله، والثناء عليه، مع إنكار تهجم المتهجمين عليه.

وقد ناصر قوم ما ذهب إليه الباجي، واحتجوا له بما أخرجه ابن أبي شيبة، وعمر بن شبة من طريق مجاهد عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه، قال: «ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى كتب وقرأ» قال مجاهد: فذكرته للشعبي، فقال: صدق، قد سمعت من يذكر ذلك.


(١) العنكبوت: الآيات ٤٨ - ٤٩.
(٢) انظر: فتح الباري ٩/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>