للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صفات أهل السنة عند أبي الحسن الأشعري]

قال: [ويرون مجانبة كل داع إلى بدعته، والتشاغل بقراءة القرآن وكتابة الآثار].

ينبغي الاشتغال بكتابة القرآن وكتابة الأحاديث والآثار؛ لأنها هي الطريق إلى ثبوت السنة.

قال: [وكتابة الآثار، والنظر في الفقه، مع الاستكانة والتواضع وحسن الخلق، مع بذل المعروف، وكف الأذى، وترك الغيبة والنميمة والسعاية].

كل هذا من معتقد أهل السنة والجماعة ويأمرون به.

قوله: (والسعاية) في مجموع الفتاوي: وترك الغيبة والنميمة والشكاية.

وعلى الأول يكون المعنى: يسعى في الباطل، وعلى الثاني يكون المعنى: الشكاية إلى المخلوق.

قال: [وتفقد المآكل والمشارب].

أي: حتى لا يكون فيها شبهة أو حرام، فمن معتقد أهل السنة والجماعة أنه ينبغي للإنسان أن يتفقد مأكله ومشربه ومركبة، ويبتعد عن المكاسب الخبيثة كالقمار، أو الربا، أو الغش، أو تنفيق السلع بالحلف الكاذب، فهذه الصفات الخبيثة والرديئة يبتعد عنها المسلم.

قال: [قال: فهذه جملة ما يأمرون به، ويستسلمون إليه ويرونه، وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول].

قوله: (ويستسلمون إليه) في المقالات: ويستعملونه، ولعلها أحسن.

قال: [وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب، وما توفيقنا إلا بالله، وهو المستعان].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الأشعري أيضاً في اختلاف أهل القبلة في العرش: قال أهل السنة وأصحاب الحديث: إن الله ليس بجسم، ولا يشبه الأشياء، وأنه استوى على العرش].

هذا الكلام من الأشياء التي بقيت على الأشعري، فإن إثبات الجسم ونفيه ليس له أصل، وأهل السنة والجماعة لا ينفون هذه الأشياء ولا يثبتونها، فلا يقال: إن الله جسم، ولا يقال: إن الله ليس بجسم؛ لأنه لم يرد في النصوص.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال أهل السنة وأصحاب الحديث: إن الله ليس بجسم، ولا يشبه الأشياء، وأنه استوى على العرش، كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥]، ولا نتقدم بين يدي الله في القول].

عملاً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات:١].

قال: [بل نقول: استوى بلا كيف، وأن له وجهاً، كما قال تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٧]، وأن له يدين، كما قال تعالى: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:٧٥]، وأن له عينين، كما قال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر:١٤]].

وهذا كله ثابت بالأدلة، ولكن الدليل على صفة العينين حديث الدجال: (إن ربكم ليس بأعور) وهو استدل عليهما بآية: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر:١٤] لكن معناها: بمرأى منا.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته، كما قال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:٢٢]].

يعني: في الآية إثبات صفة المجيء لله تعالى.

قال: [وأنه ينزل إلى السماء الدنيا، كما جاء في الحديث].

أي: نزولاً يليق بجلاله وعظمته.

قال: [ولم يقولوا شيئاً إلا ما وجدوه في الكتاب وجاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت المعتزلة: إن الله استوى على العرش، بمعنى: استولى، وذكر مقالات أخرى].

<<  <  ج: ص:  >  >>