[الصحابة والسلف أعلم الناس بعد رسول الله بمعاني الصفات والمعاد وسائر معاني القرآن]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ونفهم من الكلام ما قصد إفهامنا إياه كما قال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:٢٤]، وقال تعالى:{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}[المؤمنون:٦٨]، فأمر بتدبر القرآن كله لا بتدبر بعضه.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرءوننا القرآن: عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً.
وقال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس رضي الله عنهما من فاتحته إلى خاتمته، أقف عند كل آية أسأله عنها.
وقال الشعبي: ما ابتدع أحد بدعة إلا وفى كتاب الله بيانها، وقال مسروق: ما قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء إلا وعلمه في القرآن، ولكن علمنا قصر عنه، وهذا باب واسع قد بسط في موضعه].
فالإنسان يفهم القرآن ويفهم ما خوطب به، وهذا لا بد منه، أما الحقائق والكنه لما أخبر الله به في الآخرة وللصفات فلا يعلمه إلا الله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[والمقصود هنا: التنبيه على أصول المقالات الفاسدة التي أوجبت الضلال في باب العلم والإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن من جعل الرسول صلى الله عليه وسلم غير عالم بمعاني القرآن الذي أنزل إليه، ولا جبريل جعله غير عالم بالسمعيات، لم يجعل القرآن هدى ولا بياناً للناس].
إذ أن هذا لازم قولهم، فإنه إذا قال عن الرسول: إنه لا يعلم المعنى، وقال عن جبريل: إنه لا يعلم المعنى، فكيف يكون القرآن هدى وبياناً للناس! وهذا من أبطل الباطل، فهؤلاء الملاحدة الذين يقولون: إن جبريل لا يعلم معاني القرآن ولا محمد، يريدون أن يجعلوا القرآن في معزل عن الهداية والبيان.