[الشهادة بالجنة لأحد بلا دليل بدعة]
قال: [والشهادة والبراءة بدعة].
أي: الشهادة للمحسن بالجنة بغير دليل بدعة، والبراءة من الشيخين من أبي بكر وعمر بدعة، كما تفعل الرافضة، فالشهادة بدعة، والبراءة بدعة، فالشهادة لمعين بغير دليل بأنه في الجنة بدعة، فلا يشهد إلا لمن شهدت له النصوص كالعشرة المبشرين في الجنة، وكذلك أيضاً الحسن والحسين وبلال وعبد الله بن سلام وغيرهم ممن شهدت لهم النصوص.
والبراءة من أبي بكر وعمر بدعة كما تقول الشيعة: لا ولاء إلا ببراء، والمعنى: لا يتولى أحد علياً إلا ببراءة من أبي بكر وعمر، لا ولاء لـ علي إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر، وهذا بدعة وهو قول الرافضة، ومن أبطل الباطل، فأهل السنة يتولون أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً جميعاً، وكلهم يترضون عنهم، ولا يقال: لا ولاء إلا ببراء، ربط هذا بهذا، فلا يتولى أحد علياً حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر! هذا من أبطل الباطل.
لذلك نذر سرائر الناس إلى الله، فالشهيد يسمى شهيداً في أحكام الدنيا، أما في أحكام الآخرة فالله أعلم، ولهذا بوب البخاري فقال: باب: لا يقال: فلان شهيد، يعني: في أحكام الآخرة، ويقال له: شهيد في أحكام الدنيا، فقد يكون شهيداً في أحكام الدنيا وليس شهيداً عند الله، فمن رأيناه قتل في معركة يقاتل في سبيل الله، ولا نعلم عنه إلا الخير نقول: شهيد في أحكام الدنيا، أما في أحكام الآخرة فالله أعلم به.
قال: [والصلاة على من مات من أهل القبلة سنة].
أي: كل من مات من أهل القبلة ولا يعلم عنه كفر ولا نفاق يصلى عليه، ومن علم كفره ونفاقه فلا يصلى عليه؛ لقول الله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة:٨٤] وبهذا القيد: إذا لم يعلم منه الكفر والنفاق؛ لأن الله نص على هذا.
وبعض الشباب لا يصلي بالحرم على أي جنازة عملاً بقول الله عز وجل: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ} [التوبة:٨٤] الآية، وهذا غلط، وهذا تنطع، فالأصل أن من يقدم من المسلمين فيصلى عليه، حتى تعلم يقيناً أنه ليس بمسلم، فهذا تنطع وحرمان للخير، إذ إن الصلاة فيها أجر عظيم قيراط من الأجر.
قال: [ولا ننزل أحداً جنةً ولا ناراً حتى يكون الله ينزلهم].
أي: فلا نشهد لأحد بالجنة أو بالنار إلا لمن شهدت له النصوص.
وهناك قول لبعض العلماء أنه من شهد له بعض أهل الخير فإنه يشهد له، وقال آخرون: لا يشهد إلا للأنبياء، والقول الصواب الذي عليه الجمهور: أنه يشهد لمن شهدت له النصوص خاصة، وأما الحديث الذي قال فيه: (أنتم شهداء الله في الأرض) قيل: إنه خاص بأولئك النفر.
فالمسلم إذا مات يصلى عليه؛ لأنه يتجه إلى القبلة بالصلاة والذبح، إذا لم يعلم منه كفر أو نفاق، بهذا القيد؛ لأن الله قيد وقال: (إنهم كفروا بالله ورسوله) فإذا كان من أهل القبلة ولم يعلم منه كفر ولا نفاق صلينا عليه، أما إذا لم يكن من أهل القبلة فهذا لا يصلى عليه، أو كان من أهل القبلة ولكن علم نفاقه أو كفره فلا يصلى عليه.
وهو مسلم إذا التزم أن يتجه إلى القبلة في الصلاة والذبح، ويلتزم بأحكام الإسلام ظاهراً، يقال: هذا من أهل القبلة، خلاف اليهود والنصارى فليسوا من أهل القبلة، وكذلك المجوس والوثنيون ليسوا من أهل القبلة، ولا يتجهون للصلاة إلى القبلة ولا يلتزمون بأحكام الإسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا) الحديث فسموا أهل القبلة.
وإذا لم نعلم إسلامه فأمره إلى الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجرى على المنافقين أحكام الإسلام إذا التزموا، وهم منافقون في الدرك الأسفل من النار، فـ عبد الله بن أبي رئيس المنافقين لما مات ودلي في حفرته جاءه النبي صلى الله عليه وسلم واستخرجه من حفرته، وألبسه قميصاً، ونفث فيه من ريقه، وصلى عليه، فلما أراد أن يصلي أخذ عمر بثوبه، وقال: تصلي على منافق؟! فقال النبي (يا عمر فإني خيرت، فقيل لي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة:٨٠]، قال: لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت على السبعين، ثم صلى عليه)، وهذا قبل أن ينهى، وقبل أن تنزل الآية، ثم نزلت الآية بعد ذلك: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ} [التوبة:٨٤] فلم يصل بعد ذلك على منافق.
والمقصود: أن المنافق الذي يلتزم بالأحكام ولا ندري عن نفاقه أمره إلى الله، وتجرى عليه أحكام الإسلام وأمره إلى الله، ويدفن ويصلى عليه، لكن في الآخرة حكمه إلى الله، أما نحن فما لنا إلا الظاهر، أما إذا علمنا نفاقه وكفره فلا يصلى عليه.