للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل الصواب من الآخرين ليس قبولاً بكل أقوالهم

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قلت: وليعلم السائل أن الغرض من هذا الجواب ذكر ألفاظ بعض الأئمة الذين نقلوا مذهب السلف في هذا الباب، وليس كل من ذكرنا شيئاً من قوله من المتكلمين وغيرهم يقول بجميع ما نقوله في هذا الباب وغيره].

يعني: هذا الكلام تعقيب من المؤلف على جميع النصوص لا خاصاً بالنقل هذا، فيقول: نقلنا عنهم؛ لنبين أن هذا مذهب السلف، لكن في بعض النقول التي ننقلها عنهم أشياء لا نوافقهم عليها، فمقصود المؤلف رحمه الله النقل عن السلف في أنهم يجرون الصفات على ظاهر الكتاب.

أما قوله: نفوض المعنى، فهذا ليس بصحيح، فالمعنى لا يفوض، وهذا لا يقول به المؤلف رحمه الله، لكن قصده من النقل عن أبي المعالي الجويني هو قوله: أن السلف لا يتعرضون للتأويل، بل يجرونها على ظاهرها، ولا يلزم من هذا أنهم يفوضون المعنى، بل هذا من الأغلاط عليهم.

ويقول الشيخ: ليس كل من نقلنا عنه نوافقه في كل ما يقول؛ لأن الاستفادة من نقوله لكلام العلماء، أما ما يعتقده فلا نوافقه في كل ما يقول.

وقوله: (وليس كل من ذكرنا شيئاً من قوله من المتكلمين وغيرهم يقول بجميع ما نقوله في هذا الباب وغيره.

في نسخة: (نقول بجميع ما يقوله) الأولى بالنون والثانية بالياء، وهي الصواب.

قال: [وليس كل من ذكرنا شيئاً من قوله من المتكلمين وغيرهم نقول بجميع ما يقوله في هذا الباب وغيره، ولكن الحق يقبل من كل من تكلم به].

أي: من تكلم بكلام الحق قبلناه منه ورددنا الباطل الذي معه؛ لأن الحق يقبل ممن جاء به.

فإذا تكلم أبو المعالي الجويني بكلام الحق قبلنا منه ورددنا الباطل الذي معه.

قال: [كان معاذ بن جبل يقول في كلامه المشهور عنه الذي رواه أبو داود في سننه: اقبلوا الحق من كل من جاء به، وإن كان كافراً أو قال: فاجراً، واحذروا زيغة الحكيم، قالوا: كيف نعلم أن الكافر يقول الحق؟ قال: إن على الحق نوراً.

أو كلاماً هذا معناه].

هذا الأثر في سنن أبي داود من كتاب السنة حيث قال: باب لزوم السنة.

عن ابن شهاب: أن أبا إدريس الخولاني أخبره: أن يزيد بن عميرة وكان من أصحاب معاذ بن جبل أخبره قال: كان لا يجلس مجلساً للذكر حين يجلس إلا قال: الله حكم قسط، هلك المرتابون، فقال معاذ بن جبل يوماً: إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن، حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والعبد والحر، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع، فإن ما ابتدع ضلالة، وأحذركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق، قال: قلت لـ معاذ: ما يدريني رحمك الله إن كان الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها: ما هذه؟! ولا يثنيك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته، فإن على الحق نوراً.

وأخرجه الحاكم في مستدركه مع اختلاف يسير في الألفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>