للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مخالفة متأخري الأشاعرة لأئمتهم المتقدمين]

قال: [وملاك الأمر: أن يهب الله للعبد حكمة وإيماناً بحيث يكون له عقل ودين حتى يفهم ويدين].

ومن كان كذلك تمت النعمة عليه.

قال: [وملاك الأمر: أن يهب الله للعبد حكمة وإيماناً بحيث يكون له عقل ودين؛ حتى يفهم ويدين، ثم نور الكتاب والسنة يغنيه عن كل شيء، ولكن كثيراً من الناس قد صار منتسباً إلى بعض طوائف المتكلمين ومحسن للظن بهم دون غيرهم، ومتوهماً أنهم حققوا في هذا الباب ما لم يحققه غيرهم، فلو أوتي بكل آية ما تبعها حتى يؤتى بشيء من كلامهم].

ولهذا أكثر المؤلف رحمه الله من النقول عنهم للرد على الخصوم بأقوال أئمتهم وأتباعهم.

قال: [ثم هم مع هذا مخالفون لأسلافهم غير متبعين لهم].

يعني: مثل الأشاعرة الآن، فهم مخالفون لأتباعهم، فهذا القاضي الباقلاني وأبو الحسن الأشعري وهذه أقوالهم، والأشاعرة يخالفونهم.

قال: [ثم هم مع هذا مخالفون لأسلافهم غير متبعين لهم، فلو أنهم أخذوا بالهدى الذي يجدونه في كلام أسلافهم لرجي لهم مع الصدق في طلب الحق أن يزدادوا هدى، ومن كان لا يقبل الحق إلا من طائفة معينة ثم لا يستمسك بما جاءت به من الحق ففيه شبه من اليهود الذين قال الله فيهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:٩١]، فإن اليهود قالوا: لا نؤمن إلا بما أنزل الله علينا، قال الله لهم: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:٩١] بما أنزل عليكم].

أي: أن هؤلاء يقولون: لا نقبل إلا أقوال أئمتنا، ومع ذلك لا يقبلون الحق الذي مع أئمتهم.

فهذا الأشعري أثبت الوجه واليدين، فلماذا تنكرونها؟ ففيكم شبه من اليهود، فإن اليهود يقولون: لا نقبل إلا ما أنزل علينا، ومع ذلك خلفوا ما أنزل عليهم، وأنتم تقولون: لا نقبل إلا أقوال أئمتنا، وهذه أقوال القاضي والأشعري قد أثبتت اليد والوجه وغيرها وأنتم لم تثبتوا شيئاً، فلم لا تقولون الحق الذي مع أئمتكم؟! قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يقول سبحانه: لا لما جاءتكم به أنبياؤكم تتبعون، ولا لما جاءتكم به سائر الأنبياء تتبعون، ولكن إنما تتبعون أهواءكم، فهذا حال من لم يتبع الحق لا من طائفته ولا من غيرهم، مع كونه يتعصب لطائفة دون طائفة بلا برهان من الله ولا بيان].

<<  <  ج: ص:  >  >>