[حكم القول: بأن ظاهر النصوص مراد أو القول بأنه غير مراد]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واعلم أن من المتأخرين من يقول: مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد].
وهذا الكلام مجمل يحتمل الحق ويحتمل الباطل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهذا اللفظ مجمل، فإن قوله: ظاهرها غير مراد، يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين، مثل: أن يراد بكون الله قبل وجه المصلي أنه مستقر في الحائط الذي يصلي إليه].
وهذا غير مراد فعلاً، بل هو باطل، فليس المراد من هذا أن الله مستقر في الجدار.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأن الله معنا ظاهره أنه إلى جانبنا ونحو ذلك، فلا شك أن هذا غير مراد.
ومن قال: إن مذهب السلف: أن هذا غير مراد فقد أصاب في المعنى، لكن أخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والأحاديث، فإن هذا هو المحال ليس هو الأظهر على ما قد بيناه في غير هذا الموضع، اللهم إلا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس، فيكون القائل بذلك مصيباً بهذا الاعتبار معذوراً في هذا الإطلاق].
أي: من أجل هؤلاء الناس الذين يظنون أن هذا هو الظاهر، وإن كان هذا ليس هو الظاهر من النصوص، لكن هم فهموا هذا الفهم الخاطئ، فلما فهموا فهماً خاطئاً قال لهم: إن الظاهر غير مراد، فهو معذور في هذه الحالة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس، وهو من الأمور النسبية، وكان أحسن من هذا أن يبين لمن اعتقد أن هذا هو الظاهر أن هذا ليس هو الظاهر؛ حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم حقه لفظاً ومعنى.
وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله الظاهر غير مراد عندهم أن المعاني التي ظهرت من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته لا يختص بصفة المخلوقين، بل هي واجبة لله أو جائزة عليه جوازاً ذهنياً أو جوازاً خارجياً غير مراد فقد أخطأ فيما نقله عن السلف أو تعمد الكذب، فما يمكن أحد قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل لا نصاً ولا ظاهراً أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش، ولا أن الله ليس له سمع وبصر ويد حقيقة].
يعني: إذا قال: الظاهر غير مراد، وقصد بالظاهر ما يليق بجلال الله وعظمته، وأنه فوق العرش، وأنه لا يماثل المخلوقين، فقوله هذا باطل، بل ظاهرها مراد، فالله سبحانه وتعالى متصف بالصفات التي تليق بجلاله وعظمته، وهو تعالى لا يماثل أحداً من مخلوقاته، وهو فوق العرش حقيقة، وهو مع عباده حقيقة، وليس المراد اختلاطه بالمخلوقات، وليس المراد بفوقيته واستوائه على العرش، مماثلة المخلوقين، وإنما ما يليق بجلال الله وعظمته هو المراد.