قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ثم من توهم أن كون الله في السماء، بمعنى: أن السماء تحيط به وتحويه، فهو كاذب إن نقله عن غيره، وضال إن اعتقده في ربه، وما سمعنا أحداً يفهمه من اللفظ، ولا رأينا أحداً نقله عن أحد].
قوله:(ما سمعنا أحداً يفهمه من اللفظ) أي: من أمثال آية: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}[الملك:١٦]، وهذه الآية وأمثالها إن أريد بالسماء الطباق المبنية فـ (في) بمعنى على، ويكون المعنى: من على السماء، وإن أريد بـ (في) الظرفية فالسماء معناها: العلو، والأصل أن (في) للظرفية فيكون معنى قوله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}[الملك:١٦] يعني: من في العلو، والله تعالى في أعلى العلو وهو ما فوق العرش.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم من توهم أن كون الله في السماء، بمعنى: أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب إن نقله عن غيره، وضال إن اعتقده في ربه، وما سمعنا أحداً يفهمه من اللفظ، ولا رأينا أحداً نقله عن أحد، ولو سئل سائر المسلمين: هل تفهمون من قول الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم: إن الله في السماء أن السماء تحويه؟ لبادر كل أحد منهم إلى أن يقول: هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا، وإذا كان الأمر هكذا، فمن التكلف أن يجعل ظاهر اللفظ شيئاً محالاً لا يفهمه الناس منه، ثم يريد أن يتأوله، بل عند المسلمين أن الله في السماء، وهو على العرش واحد، إذ السماء إنما يراد به العلو، فالمعنى: أن الله في العلو لا في السفل، وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وسع السماوات والأرض، وأن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وأن العرش خلق من مخلوقات الله لا نسبة له إلى قدرة الله وعظمته، فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقاً يحصره ويحويه، وقد قال سبحانه:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه:٧١]، وقال تعالى:{فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ}[آل عمران:١٣٧] بمعنى: على ونحو ذلك].
قوله تعالى:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه:٧١] أي: على جذوع النخل، ويقال: فلان في السطح، وإن كان أعلى شيء.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وهو كلام عربي حقيقة لا مجازاً، وهذا يعلمه من عرف حقائق معاني الحروف، وأنها متواطئة في الغالب لا مشتركة].
يعني: أن الحروف متفقة في أصل المعنى، وإن كان المعنى متفاوت.