قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وأما الصنف الثالث: وهم أهل التجهيل فهم كثير من المنتسبين إلى السنة واتباع السلف، يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف معاني ما أنزل الله عليه من آيات الصفات، ولا جبريل يعرف معاني تلك الآيات، ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك].
وهذا سبق بيانه عند الحديث عن أهل التأويل وأهل التخييل الذين يقولون: إن الرسول يخيل للناس، وأهل التأويل الذين تأولوا النصوص وحرفوها وهم: المعتزلة والجهمية، وأهل التخييل والفلاسفة وغيرهم الذين يقولون: إن الأنبياء يخيلون على الناس.
وسموا أهل التجهيل؛ لأنهم يجهلون الرسول عليه الصلاة والسلام ويجهلون جبريل، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندهم لا يعرف معاني الصفات، وكذا جبريل لا يعرف معانيها ويقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥]، ولا يدري معنى استوى، ولا جبريل يعرف معنى استوى، فزعموا جهل النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل لمعاني الصفات والنصوص.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكذلك قولهم في أحاديث الصفات.
إن معناها لا يعلمه إلا الله، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم تكلم بهذا ابتداء، فعلى قولهم: تكلم بكلام لا يعرف معناه، وهؤلاء يظنون أنهم اتبعوا قوله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران:٧]، فإنه وقف أكثر السلف على قوله:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران:٧]].
أي: أنهم ظنوا أنهم لما فوضوا إلى الله وجهلوا النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم قد عملوا بهذه الآية:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران:٧]، فجهلوا الرسول وجهلوا جبريل، وزعموا أن الرسول لا يعرف معاني الآيات، ولا جبريل يعرف معاني الآيات ولا معاني الصفات؛ لأنها لا يعلمها بزعمهم: إلا الله.