قال المؤلف رحمه الله تعالى:[والقول في اللفظ والملفوظ، وكذلك في الاسم والمسمى بدعة].
قوله: في اللفظ، وهو قول اللفظ في القرآن مخلوق، أو يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، هذا من البدعة؛ لأن القرآن كلام الله، ونزله على رسوله، ولا فرق بين لفظ وبين ملفوظ؛ لأن بعض الناس يشبه ويريد باللفظ الملفوظ، فيقع في المحظور، فهذا من البدع، والقرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وهذه التفصيلات من البدع.
كذلك اسم الله، الاسم والمسمى، فمثلاً: اسم (الله) فقوله: اسم الله، الاسم مخلوق، أو ما أشبه ذلك، لأن الاسم قد يطلق على المسمى، والمسمى يطلق على الاسم، فإذا قيل: الله اسم عربي، هذا يريد به الاسم، وإذا قيل: الله فالمراد به المسمى، علم على الذات المقدسة، فالتفريق بين الاسم والمسمى والتفريق بين اللفظ والملفوظ كل هذا من البدع.
قال في الحاشية: [وأما القول في الاسم أهو المسمى أم غير المسمى؟ فإنه من الحماقات الحادثة التي لا أثر فيها فيتبع، ولا قول من إمام فيستمع، فالقول فيه شين، والصمت عنه زين، وحسب امرئ من العلم به والقول فيه أن ينتهي إلى قول الله عز وجل ثناؤه الصادق وهو قوله:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[الإسراء:١١٠]، وقوله تعالى:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:١٨٠].
فإذا قيل: هل الاسم هو المسمى أو غيره؟ فمنهم من قال: هو المسمى، ومنهم من قال: بل الاسم غير المسمى، والصحيح: أن الاسم للمسمى، ولا يطلق بأنه المسمى ولا غيره، بل لابد من التفصيل، فالاسم يراد به المسمى تارة، ويراد به اللفظ الدال عليه تارة أخرى، فإذا قيل: القرآن كلام الرحمن، فإن المراد به هنا: المسمى، وإذا قيل: الرحمن اسم عربي فالاسم هنا للمسمى، ولا يقال غير المسمى لما في لفظ غير من إيهام].
وأما في اللفظ والملفوظ، قال شيخ الإسلام بعد أن ذكر القائلين: لفظي بالقرآن مخلوق، وأن حقيقة قولهم هو قول الجهمية قال:[فقابلهم قوم أرادوا تقويم السنة، فوقعوا في البدعة، وردوا باطلاً بباطل، وقابلوا الفاشل بالفاشل، فقالوا: تلاوتنا للقرآن غير مخلوقة، وألفاظنا به غير مخلوقة؛ لأن هذا هو القرآن، إلى أن قال: فأنكر الإمام أحمد أيضاً على من قال: إن تلاوة العبادة وقراءتهم وألفاظهم وأصواتهم غير مخلوقة، وأمر بهجران هؤلاء كما جهم الأولين وبدعهم].